ويحمله على أداء الأمانة، وإن كان كافرًا، فساعيه -أي: الذي يسعى له إلى الوالي عليه- يقوم بالأمانة في ولايته، فينصفني، ويستخرج حقي منه، وكل من ولي شيئًا على قوم، فهو ساعيهم، مثل: ساعي الزكاة، وأما اليوم، فقد ذهبت الأمانة، فلستُ أثق بأحد أئْتَمنُهُ في بيع وشراء إلا فُلانًا، وفُلانًا -يعني: أفرادًا من الناس قلائل-. والقول بأن المراد بالمبايعة، أي: الخلافة وغيرها من التحالف في أمور الدِّين خطأ؛ لأن النصراني لا يعاقد عليها، ولا يبايع بها؛ فإن قيل: رفعُ الأمانة ظهر في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فما وجهُ قولِ حذيفةَ: أنا أنتظره؟ قيل: المنتظر هو الرفع بحيث يقبض أثرها مثل المجل، ولا يصح الاستثناء بمثل إلا فُلانًا، وفُلانًا، وهذا الحديث من أعلام النبوة.
* * *
6498 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ: أَن عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "إِنَّمَا النَّاسُ كَالإبِلِ، الْمِائَةُ لَا تَكَادُ تَجدُ فِيهَا رَاحِلَةً".
الثاني:
(راحلة)، أي: النجيبةُ المختارةُ، الكاملةُ الأوصاف، الحسنةُ المنظر، وقيل: الراحلة: الجمل، والهاء للمبالغة، أي: الناسُ كثير، والمرضيُّ منهم قليل؛ كما أن المئة من الإبل لا تكاد تجد فيها راحلة،