الحديث الأول، (ق م د س):
(في إناء) عُدِّيَ (شَرِب) بِـ (في) لتضمينه معنى: (وَلَغَ)، فيقالُ: وَلَغَ بشرابنا، وفي شرابِنا.
وفي الحديث دِلالةٌ لقَول الشَّافعي بنجاسَةِ الكلب؛ لأنَّ الطَّهارة إمَّا عن حَدَث؛ وهو مُنتَفٍ، أو عن نَجَس؛ وهو المُدَّعى.
وإذا كان لسانُه الذي يتناولُ به المَاء نجسًا، فكلُّ أجزائِه كذلك، ففيه دليلٌ أنَّ الماء ينجُسُ، فيجب تطهيرُ الإناءِ منه، وأنَّه لا يجوز بَيعُ الكلب لنَجاستِه، ولا يقال: المُراد في الحديث الطَّهارة اللُّغوية، لأنَّ الحملَ على الحقيقة الشَّرعية مُقدَّمٌ.
وفيه: أنَّه لا فرقَ في الكلب بين المَأذونِ في اقتنائه وغيره، ولا بين البَدويّ والحَضَريّ؛ لعمومِ اللَّفظ، وهما قولان للمالكيَّة، وثالثُها: طاهرٌ مطلقًا، ورابعُها: نَجِسٌ مطلقًا.
وقالَ أبو حنيفَةَ: يكفي غَسلُه ثلاثًا، ولا فرقَ عندنا بين وُلوغِه وغيرِه من بوله وروثه ودَمِه وعَرَقِه.
وخَصَّ مالكٌ الغَسل بالوُلوغ، لأنه طاهرٌ عندَه، والغَسل من الوُلوغ عنده تعبُّد.
فلو وَلَغَ كلبٌ مرَّاب أو كلابٌ، فأصحُّ الأوجه: يكفي سبعًا، وثانيها: لكلٍّ سبعٌ، وثالثُها: لِوَلَغَاتِ الواحد سبعٌ، ولكلِّ واحدٍ من الكلاب سبعٌ، وكلَّما تزولُ عينُ النجاسة من العدَدِ يكونُ واحدًا