طِيْب الثِّمار، ومفارقة الظِّلال، وكانت في مفاوِزَ صعبةٍ، وشُقَّة كبيرة، وعدوٍّ كثيرٍ، وأما قول زيد: إنَّها أوَّلهنَّ، فإنما مراده غزوة بني مُدلِج، وهو خلاف ما حكاه البخاري عن ابن إسحاق.
قال القُرطبي: والذي قاله ابن إسحاق في تَرتيب الثلاث غزَوات هو الصَّحيح.
وقال السَّفَاقُسي: يُجمع بينهما بأن زيدًا أراد أوَّل ما غزَوتُ أنا معه، ولكن يُضعفه رواية مسلم: (فقلتُ: فما أول غزاةٍ غزاها، قال: ذاتُ العَسِير، أو العَشِير).
(فذكرت لقتادة، فقال: العشير)؛ أي: بالمعجمة، كذا رواه البخاري عن شُعبة، عن أبي إسحاق.
وفي "مسند الطَّيَالسي": حدَّثنا شُعبة، عن أبي إسْحَاق، قلتُ لزيد بن أَرْقَم: ما أوَّل غزاةٍ غزاها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -؟، فقال: العَسِيرة، أو العَشِيرة، بالهاء في الموضعين.
قال ابن سَعْد: غَزا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ذا العَسيرة في جُمادى الآخرة، على رأس ستة عشر شهرًا من مهاجَره، في خمسين ومائةٍ، وقيل: في مائتين من المُهاجرين على ثلاثين بعيرًا يَعتقبُونها، وحمل لِواءَه -وكان أبيَضَ- حمزةُ بن عبد المطَّلِب، واستَخلَف على المدينة أبا سلَمَة المَخْزُومي، يطلُب عِيرًا لقُريشٍ التي كان القِتال ببدْرٍ بسبَبها، حتى رجَعتْ من الشَّام، فبلغ ذا العَشِيرة، فوجد العِيْر قد مضَتْ إلى الشَّام قبل ذلك بأيامٍ، فوادَعَ بني مُدلِج وحلفاءَهم من بني ضَمْرة، ثم رجع