صحيحٌ أَيضًا، وحِكْمة ذلك أنَّه لا يُؤمَن أن يتمنَّى وارثٌ موتَه، فيَهلِكَ، أو حتَّى لا يُظَنَّ بهم الرَّغبة في الدُّنيا لورَّاثهم، فينفِّروا النَّاسَ عنهم، أو هم كَآباءِ الأُمم فما لهم لكُلِّ أولادهم، وهو معنى الصَّدقة.
(ما تركنا صدقة)، (ما) بمعنى: الذي، مبتدأٌ، و (تركنا) صلةٌ له، والعائد محذوفٌ، أي: ما تركناه، و (صدَقة) مرفوعٌ خبرُه، وفي روايةٍ: (فهو صَدَقة).
قال النَّحَّاس: يصحُّ نصبه على الحال؛ وأنكَره (ع)؛ لتأْييده مذهب الشِّيعة، لكن ابن مالك قدَّر: ما تَركنا متروكٌ صدقةً، فحُذف الخبر، وبَقيَ الحال كالعِوَضِ منه، ونظيره قراءة بعضهم: {وَنَحْنُ عصبةً} [يوسف: 8].
(فَغَضِبَتْ)؛ أي: حصَل منها ذلك على مقتضى البشَرية، وسكَن بعد ذلك، أو الحديث كان مؤوَّلًا عندها، فما فضَل عن فُروض الورَثة وضَروراتهم، أو نحو ذلك.
(فهجرت)؛ أي: انقبَضتْ عن لِقائه لا الهِجْران المُحرَّم من تَرْك السَّلام ونحوه.
(ولم تزل مهاجرته) اسم فاعلٍ مِن: هاجَرَ لا مصدرٌ، وفي هذا رَدٌّ لمَا حكاه التِّرمِذي عن شيخه عليِّ بن عِيْسى أنَّها لم تُكلِّمْه في هذا الميراث خاصةً.
(قالت: وكانت فاطمة)؛ أي: قالتْ عائشةُ، وفي بعضها: