لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- المَدِينَةَ كَانَ فِيهَا يَهُود، وَكَانُوا ثَلَاثَ قبائِلَ مَشْهُورَةً: بَنُو قَيْنقاعَ، وَكَانُوا حُلفاءَ الخَزْرَجِ، وَكَانَتْ دِيَارُهُمْ دَاخِلَ المَدِينَةِ، وبَنُو النَّضِيرِ، وبَنُو قُرَيْظَةَ، وَكَانُوا حُلفاءَ الأَوْسِ، وَكَانَتْ دِيَارُهُمْ في عَوَالِي المَدِينَةِ.
وَكَانَتْ هَذِهِ القَبَائِلُ اليَهُودِيَّةُ هِيَ التِي كَانَتْ تُثِيرُ الحُرُوبَ بَيْنَ الأَوْسِ والخَزْرَجِ، وَقَدْ كَانَ اليَهُودُ يَسْتَفْتِحُونَ (?) عَلَى الأَوْسِ وَالخَزْرَجِ بِرَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَبْلَ مَبْعَثِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- كَمَا ذَكَرْنَا ذَلِكَ في بَدْءِ إسْلَامِ الأَنْصَارِ- فَلَمَّا بَعَثَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ العَرَبِ كَفَرُوا بِهِ، وَجَحَدُوا مَا كَانُوا يَقُولُونَ فِيهِ.
أَخْرَجَ الإِمَامُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِهِ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ سَلَمَةَ بنِ سَلَامَةَ بنِ وَقْشٍ -رضي اللَّه عنه- وَكَانَ مِنْ أصْحَابِ بَدْرٍ- قَالَ: كَانَ لَنَا جَارٌ مِنْ يَهُودٍ في بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ، قَالَ: فَخَرَجَ عَلَيْنَا يَوْمًا مِنْ بَيتهِ قَبْلَ مَبْعَثِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِيَسِيرٍ، فَوَقَفَ عَلَى مَجْلِسِ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ، قَالَ سَلَمَةُ: وأَنا يَوْمَئِذِ أحْدَثُ (?) مَنْ فِيهِ سِنًّا، عَلَيَّ بُرْدَةٌ (?)