إِلَى المَدِينَةِ، وَيَمْتَحِنُونَ المُهَاجِرِينَ بِأَنْوَاعٍ مِنَ المِحَنِ، وَكَانَ المُهَاجِرُونَ لَا يَعْدِلُونَ عَنْ هَذِهِ الفِكْرَةِ، وَلَا يُؤْثِرُونَ البَقَاءَ فِي مَكَّةَ، . . . وَهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّ مَعْنَى الهِجْرَةِ إِهْدَارُ المَصَالِحِ، وَالتَّضْحِيَةُ بِالأَمْوَالِ، وَالنَّجَاةُ بِالشَّخْصِ فَحَسْبُ، مَعَ الإِشْعَارِ بَأَنَّهُ مُسْتَبَاحٌ مَنْهُوبٌ، قَدْ يَهْلِكُ فِي أَوَائِلِ الطَّرِيقِ أَوْ نِهَايَتِهَا، وَبِأَنَّهُ يَسِيرُ نَحْوَ مُسْتَقْبَلٍ مُبْهَمٍ (?)، لَا يَدْرِي مَا يَتَمَخَّضُ عَنْهُ مِنْ قَلَاقِلَ وَأَحْزَانٍ (?).
أُمُّ سَلَمَةَ اسْمُهَا هِنْدُ بِنْتُ أَبِي أُمَيَّةَ بنِ المُغِيرَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، زَوْجُ أَبِي سَلَمَةَ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عَبْدِ الأَسَدِ، وَهُوَ أَخُو الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِنَ الرَّضَاعَةِ، وَأُمُّهُ هِيَ بَرَّةُ بِنْتُ عَبْدِ المُطَّلِبِ، فَهُوَ ابنُ عَمَّةِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَكَانَ -رضي اللَّه عنه- قَدِيمَ الإِسْلَامِ، وَقَدْ مَاتَ أَبُو سَلَمَةَ -رضي اللَّه عنه- بَعْدَ غَزْوَةِ أُحُدٍ، فَلَمَّا مَاتَ تَزَوَّجُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أُمَّ سَلَمَةَ، فَصَارَتْ أُمَّ المُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا.
وَهِيَ أَوَّلُ امْرَأَةٍ هَاجَرَتْ إِلَى المَدِينَةِ، فَقَدْ أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ مُجَاهِدَ قَالَ: كَانَتْ أُمُّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَوَّلَ ظَعِينَةٍ (?) قَدِمَتْ المَدِينَةَ مُهَاجِرَةً (?).