وَقَالَ ابنُ إِسْحَاقَ وَابنُ سَعْدٍ وَبِهِ جَزَمَ مُوسَى بنُ عُقْبَةَ فِي مَغَازِيهِ: كَانَ أَوَّلَ مَنْ هَاجَرَ إِلَى المَدِينَةِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِنَ المُهَاجِرِينَ مِنْ قُرَيْشٍ، مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ: أَبُو سَلَمَةَ بنُ عَبْدِ الأَسَدِ، وَاسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ، هَاجَرَ إِلَى المَدِينَةِ قَبْلَ بَيْعَةِ العَقَبَةِ الثَّانِيَةِ بِسَنَةٍ، وَكَانَ قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مَكَّةَ مِنْ أَرْضِ الحَبَشَةِ، فَلَمَّا آذَتْهُ قُرَيْشٌ وَبَلَغَهُ إِسْلَامُ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ الأَنْصَارِ، خَرَجَ إِلَى المَدِينَةِ مُهَاجِرًا (?).

قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ: وَيُمْكِنُ الجَمْعُ بَيْنَ حَدِيثِ البُخَارِيِّ وَحَدِيثِ أَهْلِ المَغَازِي وَالسِّيَرِ بِحَمْلِ الأَوَّليَّةِ فِي أَحَدِهِمَا عَلَى صِفَةٍ خَاصَّةٍ، هِيَ أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ -رضي اللَّه عنه- خَرَجَ لَا لِقَصْدِ الإِقَامَةِ بِالمَدِينَةِ بَلْ فِرَارًا مِنَ المُشْرِكِينَ، بِخِلَافِ مُصْعَبٍ -رضي اللَّه عنه- فَإِنَّهُ خَرَجَ إِلَيْهَا لِلإِقَامَةِ بِهَا، وَتَعْلِيِمِ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِهَا بِأَمْرِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَلِكُلٍّ أَوَّليَّةٌ مِنْ جِهَةٍ (?).

* المَصَاعِبُ التِي وَاجَهَهَا المُهَاجِرُونَ -رضي اللَّه عنهم-:

وَلَمْ تَكُنْ هِجْرَةُ المُسْلِمِينَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ هَيِّنَةً سَهْلَةً، تَسْمَعُ بِهَا قُرَيْشٌ، وَتَطِيبُ بِهَا نَفْسًا، بَلْ كَانُوا يَضَعُونَ العَرَاقِيلَ فِي سَبِيلِ الِانْتِقَالِ مِنْ مَكَّةَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015