رَوَى الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا عَنْ كَعْبِ بنِ مَالِكٍ -رضي اللَّه عنه- أَنَّهُ قَالَ: لَقَدْ شَهِدْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لَيْلَةَ العَقَبَةِ حِينَ تَوَاثَقْنَا عَلَى الإِسْلَامِ، وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِهَا مَشْهَد بَدْرٍ (?)، وَإِنْ كَانَتْ بَدرٌ أَذْكَرَ (?) فِي النَّاسِ مِنْهَا (?).
قَالَ الشَّيْخُ صَفِيُّ الرَّحْمَنِ المُبَارَكْفُورِي: هَذِهِ هِيَ بَيْعَةُ العَقَبَةِ الثَّانِيَةِ -التِي تُعْرَفُ بِبَيْعَةِ العَقَبَةِ الكُبْرَى- وَقَدْ تَمَّتْ فِي جَوٍّ تَعلُوهُ عَوَاطْفُ الحُبِّ وَالوَلَاءِ وَالتَّنَاصُرِ بَيْنَ أَشْتَاتِ المُؤْمِنِينَ، وَالثِّقَةَ وَالشَّجَاعَةِ وَالِاسْتِبْسَالِ فِي هَذَا السَّبِيلِ، فَمُؤْمِنٌ مِنْ أَهْلِ يَثْرِبَ يَحْنُو عَلَى أَخِيهِ المُسْتَضْعَفِ فِي مَكَّةَ، وَيَتَعَصَّبُ لَهُ، وَيَغْضَبُ مِنْ ظَالِمِهِ، وَتَجِيشُ (?) فِي حَنَايَاهُ مَشَاعِرُ الوُدِّ لِهذَا الأَخِ الذِي أَحَبَّهُ فِي ذَاتِ اللَّهِ.
وَلَمْ تَكُنْ هَذِهِ المَشَاعِرُ وَالعَوَاطِفُ نَتِيجَةَ نَزْعَةٍ عَابِرَةٍ تَزُولُ عَلَى مَرِّ الأيَّامِ، بَلْ كَانَ مَصْدَرُهَا هُوَ الإيمَانَ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وِبِكِتَابِهِ، إِيمَانٌ لَا يَزُولُ أَمَامَ أَيِّ