* وَهْمُ ابنِ إِسْحَاقَ:

ذَكَرَ ابنُ إِسْحَاقَ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بَايَعَ الأنْصَارَ فِي العَقَبَةِ الثَّانِيَةِ بَيْعَةَ الحَربِ حَيْثُ أَذِنَ اللَّهُ لِرَسُولِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فِي القِتَالِ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّه تَعَالَى لَمْ يَكُنْ أَذِنَ لِرَسُولِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فِي الحَرْبِ، فَلَمَّا أَذِنَ اللَّهُ لَهُ فِيهَا، وَبَايَعَهم رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فِي العَقَبَةِ الأخِيرَةِ عَلَى حَربِ الأحْمَرِ وَالأسْوَدِ أَخَذَ لِنَفْسِهِ وَاشْترَطَ عَلَى القَوْمِ لِرَبِّهِ، وَجَعَلَ لَهُمْ عَلَى الوَفَاءَ بِذَلِكَ الجَنَّةَ، ثُمَّ ذَكَرَ أَوَّلَ مَا نَزَلَ فِي القِتَالِ: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا} (?).

وَهذَا مِنْ أَوْهامِ ابنِ إِسْحَاقَ عَلَى جَلَالَتِهِ، فَالجِهادُ لَمْ يُشْرَع إِلَّا فِي السَّنَةِ الأُولَى مِنَ الهِجْرَةِ، وَقَدْ وَافَقَهُ عَلَى هَذَا الوَهْمِ ابنُ هِشَامٍ أَيْضًا.

وَلَيْسَ أَدَلُّ عَلَى عَدَمِ فَرْضِيَّةِ الجِهَادِ قَبْلَ العَقَبَةِ مِنْ أَنَّ العَبَّاسَ بنَ عُبَادَةَ بنِ نَضْلَةَ -رضي اللَّه عنه- لَمَّا قَالَ لِلنَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: وَالذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِنْ شِئْتَ لَنَمِيلَنَّ عَلَى أَهْلِ مِنًى غَدًا بِأَسْيَافِنَا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَمْ نُؤْمَرْ بِذَلِكَ" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015