أَعْظَمِ، وَأَهَمِّ الِاتِّفَاقِيَّاتِ فِي تَارِيخِ الإِسْلَامِ، وَأَنْ يَتِمَّ هَذَا الِاجْتِمَاعُ فِيِ سِرِيَّةٍ تَامَّةٍ فِي ظَلَامِ اللَّيْلِ (?).
وَلْنَتْرُكْ أَحَدَ قَادَةِ الأنْصَارِ يَصِفُ لَنَا هَذَا الِاجْتِمَاعَ التَّارِيْخِيَّ، الذِي حَوَّلَ مَجْرَى الأيَّامِ فِي صِرَاعِ الوَثَنِيَّةِ وَالإِسْلَامِ، قَالَ كَعْبُ بنُ مَالِكٍ -رضي اللَّه عنه-: خَرَجْنَا إِلَى الحَجِّ مَعَ حُجَّاجِ قَوْمِنَا مِنْ المُشْرِكِينَ، وَقَدْ صَلَّيْنَا وَفَقِهْنَا، وَمَعَنَا البَرَاءُ بنُ مَعْرُورٍ كَبِيرُنَا وَسَيِّدُنَا، فَلَمَّا تَوَجَّهْنَا لِسَفَرِنَا، وَخَرَجْنَا مِنَ المَدِينَةِ. . . قَالَ: فَخَرَجْنَا نَسْأَلُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِمَكَّةَ، وَكُنَّا لَا نَعْرِفُهُ، لَمْ نَرَهُ قَبْلَ ذَلِكَ، فَلَقِيَنَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، فَسَأَلْنَاهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَقَالَ: هَلْ تَعْرِفَانِهِ؟ قُلْنَا: لَا وَاللَّهِ، قَالَ: فَهَلْ تَعرِفَانِ العَبَّاسَ بنَ عَبْدَ المُطَّلِبِ، عَمَّهُ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، وَكُنَّا نَعْرِفُ العَبَّاسَ، كَانَ لَا يَزَالُ يَقْدُمُ عَلَيْنَا تَاجِرًا. قَالَ: فَإِذَا دَخَلْتُمَا المَسْجِدَ، فَهُوَ الرَّجُلُ الجَالِسُ مَعَ العَبَّاسِ، تَرَكْتُهُ مَعَهُ الآنَ جَالِسًا. قَالَ كَعْبُ بنُ مَالِكٍ -رضي اللَّه عنه-: فَدَخَلْنَا المَسْجِدَ، فَإِذَا العَبَّاسُ جَالِسٌ وَرَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مَعَهُ جَالِسٌ، فَسَلَّمنَا عَلَيْهِمَا، ثُمَّ جَلَسْنَا إِلَيْهِمَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لِلْعَبَّاسِ: "هَلْ تَعرِفُ هذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ يا عَبَّاسُ؟ ".
قَالَ: نَعَمْ، هذَانِ الرَّجُلَانِ مِنَ الخَزْرَجِ -وَكَانَتِ الأنْصَارُ إِنَّمَا تُدْعَى فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ أَوْسَهَا وَخْزَرَجَها- هَذَا البَرَاءُ بنُ مَعْرُورٍ، وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ رِجَالِ