لَمَّا اقْتربَ مَوْسِمُ الحَجِّ مِنَ السَّنَةِ الثَّالِثَةِ عَشْرَةَ لِلْبِعثَةِ اجْتَمَعَ ثَلَاثَةٌ وَسَبعُونَ رَجُلًا مِنَ الأنْصَارِ فَقَالُوا: حَتَّى مَتَى نَذَرُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يُطْرَدُ فِي جِبَالِ مَكَّةَ وَيَخَافُ؟ .
فتَوَاعَدُوا عَلَى المَسِيرِ إِلَى الحَجِّ، وَمُلَاقَاةِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَخَرَجُوا مَعَ حُجَّاجِ قَوْمِهِم مِنْ أَهْلِ الشِّركِ، وَهُمْ خَمْسُمِائَةٍ، حَتَّى قَدِمُوا مَكَّةَ مَعَ الحَجِيجِ فِي مَنَازِلِهِمْ مُسْتَخْفِينَ بِإِسْلَامِهْمْ، وَكَانَ مَعَهُمْ مُصْعَبُ بنُ عُمَيْرٍ -رضي اللَّه عنه-، فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ جَاءَ مَنْزِلُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَوَّلًا، وَلَمْ يَقْرَبْ مَنْزِلَهُ، فَجَعَلَ يُخْبِرُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَن الأنْصَارِ، وَسُرعَتِهِمْ إِلَى الإِسْلَامِ، وَيَقُصُّ عَلَيْهِ خَبَرَ قَبَائِلِ يَثْرِبَ، وَمَا لَهَا مِنْ قُوةٍ وَمَنَعَةٍ، فَسُرَّ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِذَلِكَ، وَدَعَا لهُ.
ثُمَّ جَرَتْ بَيْنَ الأَنْصَارِ الثَّلَاثَةِ وَالسَّبْعُونَ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- اتِّصَالَاتٌ سِرِيَّةٌ أَدَّتْ إِلَى اتِّفَاقِ الفَرِيقَيْنِ عَلَى أَنْ يَتَجَمَّعُوا فِي أَوْسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ (?) فِي الشِّعبِ (?) الذِي عِنْدَ العَقَبَةِ حَيْثُ الجَمْرَةُ الأولَى مِنْ مِنًى، لِإِبْرَامِ اتِّفَاقٍ هُوَ مِنْ