رَأَيْنَا كَيْفَ تَتَابَعَتِ المَصَائِبُ عَلَى رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ خَرَجَ مِنَ الشِّعْبِ في العَامِ العَاشِرِ مِنَ البِعْثَةِ، حَتَّى تُوُفِّيَ أَبُو طَالِبٍ، وخَدِيجَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، في العَامِ نَفْسِهِ، ثُمَّ لَمْ تَزَلْ تَتَوَالَى عَلَيْهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- المَصَائِبُ مِنْ قَوْمِهِ، فَقَدِ اجْترَؤُوا عَلَيْهِ، ونَالُوهُ بِالنَّكَالِ، وَالأَذَى بِالقَوْلِ وَالفِعْلِ، بَعْدَ أَنْ كَانَ مُقْتَصِرًا عَلَى الكَلَامِ وَالِاسْتِهْزَاءِ قَبْلَ وَفَاةِ عَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ.
قَالَ الحَافِظُ ابنُ كَثِيرٍ: وعِنْدِي أَنَّ غَالِبَ مَا رُوِيَ مِنْ طَرْحِ الكُفَّارِ سَلَا الجَزُورِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهُوَ يُصَلِّي، وكَذَلِكَ مَا أَخْبَرَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بنُ عَمْرِو بنِ العَاصِ مِنْ خَنْقِهِمْ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- خَنْقًا شَدِيدًا، حَتَّى حَالَ دُونَهُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ -رضي اللَّه عنه-، وَكَذَلِكَ عَزْمُ أَبِي جَهْلٍ لَعَنَهُ اللَّهُ عَلَى أَنْ يَطَأَ عَلَى عُنُقِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهُوَ يصَلِّي، فَحِيلَ بَيْنَهُ وبَيْنَ ذَلِكَ، مِمَّا أشْبَهَ ذَلِكَ كَانَ بَعْدَ وَفَاةِ أَبِي طَالِبٍ، وَاللَّهُ أعْلَمُ (?).
رَوَى الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَا زَالَتْ قُرْيشٌ كَاعَةً (?) حَتَّى توفِّيَ أَبُو طَالِبٍ" (?).