ولَمَّا مَرَّ عَلِيُّ بنُ أَبِي طَالِبٍ -رضي اللَّه عنه- عَلَى قَبْرِهِ، وهُوَ مُنْصَرِفٌ مِنْ صِفِّينَ قَالَ: رَحِمَ اللَّهُ خَبَّابًا أسْلَمَ رَاغِبًا، وهَاجَرَ طَائِعًا، وعَاشَ مُجَاهِدًا، وابْتُلِيَ في جِسْمِهِ أحْوَالًا، ولَنْ يُضِيعَ اللَّهُ أَجْرَهُ (?).

وقَائِمَةُ المُعَذَّبِينَ في اللَّهِ طَوِيلَةٌ ومُؤْلمَةٌ جِدًّا، فَمَا مِنْ أحَدٍ عَلِمُوا بِإِسْلَامِهِ إِلَّا تَصَدَّوْا لَهُ وآذَوْهُ.

قَالَ الشَّيْخُ عَلِيّ الطَّنْطَاوِي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: احْتَمَلُوا في سَبِيلِ اللَّهِ كُلَّ شَيْءٍ الضَّرْبَ، والجَرْحَ، والحَرْقَ، والجُوعَ، والسَّهَرَ، واسْتَحْلُوا في سَبِيلِ اللَّهِ المَرَائِرَ، واسْتَحَبُّوا بَعْضَ المَكَارِهِ إلى النُّفُوسِ إِنْ كَانَ فِيهَا رِضَا اللَّهِ تَعَالَى (?).

فَلَمْ تَلْقَ قُرَيْشٌ نَجَاحًا في صَرْفِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ.

قَالَ الدُّكْتُور مُحَمَّد سَعِيد رَمَضَان البُوطِي: أوَّلُ ما قَدْ يَخْطُرُ في بَالِ المُتَأَمِّلِ، حِينَمَا يَرَى قِصَّةَ ما لَقِيَهُ رسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصْحَابُهُ مِنَ المُشْرِكِينَ، مِنْ صُنُوفِ الإيذَاءِ والعَذَابِ، هُوَ أَنْ يَتَسَاءَلَ: فِيمَ هَذَا العَذَابُ الذِي لَقِيَهُ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصْحَابُهُ وهُمْ عَلَى حَقٍّ؟ ولِمَاذَا لَمْ يَعْصِمْهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُ، وهُمْ جُنُودُهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015