وَلَمَّا تَكَامَلَتِ الدَّعْوَةُ، وَسَيْطَرَ الْإِسْلَامُ عَلَى كُلِّ الْجَزِيرَةِ الْعَرَبِيَّةِ، وَدَخَلَ النَّاسُ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا، وَبَدَتْ طَلَائِعُ انْتِشَارِهِ فِي الْعَالَمِ، وَظَهَرَتْ عَلَى الْأَدْيَانِ كُلِّهَا، أَحَسَّ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِدُنُوِّ أَجَلِهِ، فَأَخَذَ يَتَهَيَّأُ لِلِقَاءِ رَبِّهِ، وَظَهَرَ مِنْهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِنَ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ مَا يَدلُّ عَلَى اقْتِرَابِ الرَّحِيلِ عَنْ هَذِهِ الدُّنْيَا الْفَانِيَةِ.
وَأَوَّلُ مَا عَرَّفَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى رَسُولَهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِاقْتِرَابِ أَجَلِهِ:
رَوَى الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: أَنَّ عُمَرَ -رضي اللَّه عنه- سَأَلهُمْ (?) عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} قَالُوا: فَتْحُ الْمَدَائِنِ وَالْقُصُورِ، قَالَ: مَا تَقُولُ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ؟ .
قَالَ: أَجَلْ، أَوْ مَثَلٌ ضُرِبَ لِمُحَمَّدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم-، نُعِيَتْ لَهُ نَفْسُهُ (?).
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ أَيْضًا عَنْهُ -رضي اللَّه عنه-: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ -رضي اللَّه عنه-، دَعَاهُ مَعَ أَشْيَاخِ