البِيضِ في رَأْسِهِ ولحْيَيهِ (?) -صلى اللَّه عليه وسلم-.
ثَالِثًا: إنَّ سِيرَةَ رسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- تَحْكِي سِيرَةَ إنْسَانٍ أكْرَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بالرِّسَالَةِ، فَلَمْ تُخْرِجْهُ عَنْ إنْسَانِيَّتهِ، فَقَدْ تَزَوَّجَ وطَلَّقَ، ورَضِيَ وغَضِبَ، وبَاعَ واشْترَى، هُوَ إنْسَانٌ بِكُلِّ ما في هَذِهِ الكَلِمَةِ مِنْ مَعْنًى يُمْكِنُ أنْ يَكُونَ قُدْوَةً لِمَنْ أرَادَ ذَلِكَ، ولَمْ تَلْحَقْ حَيَاتَهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِالأسَاطِيرِ، ولَمْ تُضِفْ عَليْهِ الألوهِيَّةَ قَلِيلا ولا كَثِيرًا، وإذَا قَارَنَّا هَذَا بِمَا يَرْوِيهِ المَسِيحِيُّونَ عنْ سِيرَةِ عِيسَى عَليهِ السَّلامُ، ومَا يَرْوِيهِ البُوذِيُّونَ عَنْ بُوذَا، والوَثَنِيُّونَ عنْ آلِهَتِهِمْ المَعْبُودَةِ، اتَّضَحَ لنَا الفَرْقُ جَلِيًّا بَيْنَ سِيرَتِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وسِيرَةِ هَؤُلَاءِ، ولذَلِكَ أَثَرٌ بَعِيدُ المَدَى في السُّلُوكِ الإنْسَانِيِّ والاجْتِمَاعِيِّ لِأَتباعِهِمْ، فَادِّعَاءُ الألُوهِيَّةِ لِعِيسَى عَلَيهِ السَّلامُ، ولبُوذَا جَعَلَهُمَا أبْعَدَ مَنَالًا مِنْ أنْ يَكُونَا قُدْوَةً نَمُوذَجِيَّةً للإنْسَانِ في حَيَاتِهِ الشَّخْصِيَّةِ والاجْتِمَاعِيَّةِ، بَيْنَمَا ظَلَّ وسَيَظَلُّ مُحَمَّدٌ -صلى اللَّه عليه وسلم- المَثَلَ النَّمُوذَجِيَّ الإنْسَانِيَّ الكَامِلَ لِكُلِّ مَنْ أرَادَ أنْ يَعِيشَ سَعِيدًا كَرِيمًا في نَفْسِهِ وأُسْرَتِهِ وبِيئَتِهِ، ومِنْ هُنَا يقُولُ اللَّهُ