قَالَ: أَنَا عَبْدُ الْعُزَّى -وَكَانَ اسْمُهُ عَبْدَ الْعُزَّى يَوْمَئِذٍ- فَقَالَ له رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَنْتَ عَبْدُ اللَّهِ ذُو الْبِجَادَيْنِ"، ثُمَّ قَالَ له: "انْزِلْ مِنِّي قَرِيبًا"، فَكَانَ يَكُونُ مِنْ أَضْيَافِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَعَلَّمَهُ الْقُرْاَنَ حَتَّى قَرَأَ قُرآنًا كَثِيرًا، وَكَانَ يَقُومُ فِي الْمَسْجِدِ فَيَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالْقِرَاءَةِ، وَكَانَ رَجُلًا صَيِّتًا (?)، فَشَكَاهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ -رضي اللَّه عنه- إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ألا تَسْمَعُ إِلَى صَوْتِ هَذَا الْأَعْرَابِيِّ، يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالْقُرْآنِ؟ قَدْ مَنَعَ النَّاسَ الْقِرَاءَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "دَعْهُ يَا عُمَرُ، فَإِنَّهُ خَرَجَ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ".
فَلَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَى تَبُوكٍ خَرَجَ مَعَهُ، وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! ادْعُ اللَّهَ لِي بِالشَّهَادَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَبْغِنِي لِحَاءَ (?) شَجَرَة"، فَأتَاهُ بِذَلِكَ، فَرَبَطَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَلَى عَضُدِهِ، وَقَالَ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أُحَرِّمُ دَمَهُ عَلَى الْكُفَّارِ"، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ ذُو الْبِجَادَيْنِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَيْسَ هَذَا أَرَدْتُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنَّكَ إِنْ خَرَجْتَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَخَذَتْكَ حُمَّى فَقَتَلَتْكَ، فَأنْتَ شَهِيدٌ، أَوْ وَقَصَتْكَ (?) دَابَّتُكَ، فَأنْتَ شَهِيدٌ، لَا تُبَالِ بَأَيَّتِهِ كَانَ".
فَلَمَّا نَزَلُوا تَبُوكَ أَقَامُوا بِهَا أَيَّامًا، فَأَخَذَتْهُ الْحُمَّى فَمَاتَ مِنْهَا -رضي اللَّه عنه- (?).