وَفِي تَبُوكٍ تُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ ذُو الْبِجَادَيْنِ الْمُزَنِيُّ -رضي اللَّه عنه-.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ -رضي اللَّه عنه-: قُمْتُ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ، وَأَنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فِي غَزْوَةِ تَبُوكٍ، فَرَأَيْتُ شُعْلَةً مِنْ نَارٍ فِي نَاحِيَةِ الْعَسْكَرِ، فَاتَّبعْتُهَا أَنْظُرُ إِلَيْهَا، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَإِذَا عَبْدُ اللَّهِ ذُو الْبِجَادَيْنِ قَدْ مَاتَ، وَإِذَا هُمْ قَدْ حَفَرُوا لَهُ، وَرَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فِي حُفْرَتِهِ، وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يُدَلِّيَانِهِ إِلَيْهِ، وَهُوَ يَقُولُ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَدْنِيَا إِلَيَّ أَخَاكُمَا"، فَدَلَّيَاهُ إِلَيْهِ، فَلَمَّا هَيَّأَهُ لِشِقِّهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اللَّهُمَّ! إِنِّي قَدْ أَمْسَيْتُ رَاضيًا عَنْهُ، فَارْضَ عَنْهُ"، فَقُلْتُ: يَا لَيْتَنِي كُنْتُ صَاحِبَ الْحُفْرَةِ.
وَإِنَّمَا سُمِّيَ ذَا الْبِجَادَيْنِ؛ لِأنَّهُ كَانَ يُنَازعُ (?) إِلَى الْإِسْلَامِ فَيَمْنَعُهُ، قَوْمُهُ مِنْ ذَلِكَ، وَيُضَيِّقُونَ عَلَيْهِ، حَتَّى ترَكُوهُ فِي بِجَادٍ (?) لَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، فَهَرَبَ مِنْهُمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَلَمَّا كَانَ قَرِيبًا مِنَ الْمَدِينَةِ، شَقَّ بِجَادَهُ بِاثْنَيْنِ، فَاتَّزَرَ بِوَاحِدٍ، وَاشْتَمَلَ بِالْآخَرِ، ثُمَّ أتَى رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَقَالَ له رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ أَنْتَ؟ ".