يَرْتَابُونَ فِيهَا وَيَتَرَدَّدُونَ (?).
وَلَمَّا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- النَّاسَ بِالْجَهَازِ، وَدَعَاهُمْ إِلَى النَّفِيرِ، أَخَذَ الْمُنَافِقُونَ في تَثْبِيطِ هِمَمِ النَّاسِ، وَقَالُوا: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لَا طَاقَةَ لَهُ بِالرُّومِ، وَالسَّفَرُ بَعِيدٌ، فَرَدَّ عَلَيْهِمُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: {لَوْ كَانَ عَرَضًا (?) قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا (?) لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ (?) وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} (?).
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَالَ قَوْمٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: لَا تَنْفِرُوا في الْحَرِّ، زَهَادَةً في الْجِهَادِ، وَشَكًّا في الْحَقِّ، وَإِرْجَافًا بِرَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ (81) فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} (?).
إِنَّ هَؤُلَاءِ لَهُمْ نَمُوذَجٌ لِضَعْفِ الْهِمَّةِ، وَطَرَاوَةِ الْإِرَادَةِ، وَكَثِيرُونَ هُمُ الذِينَ يُشْفِقُونَ مِنَ الْمَتَاعِبِ، وَيَنْفِرُونَ مِنَ الْجَهْدِ، وَيُؤثِرُونَ الرَّاحَةَ الرَّخِيصةَ عَلَى الْكَدْحِ الْكَرِيمِ، وَيُفَضِّلُونَ السَّلَامَةَ الذَّلِيلَةَ عَلَى الْخَطَرِ الْعَزِيزِ، وَهُمْ يَتَسَاقَطُونَ