قَالَ: خُذْ قَلَائِصَكَ يَا ابْنَ أَخِي فَغَيْرُ سَهْمِكَ أَرَدْنَا (?).
جَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لِيُؤْذَنَ لَهُمْ في التَّخَلُّفِ وَتَعَلَّلُوا بِالْجَهْدِ وَكَثْرَةِ الْعِيَالِ، فَأَذِنَ لَهُمْ، وَلَكِنْ لَمْ يَعْذُرْهُمْ، أَيْ لَمْ يَقْبَلْ عُذْرَهُمْ لِكَذِبِهِمْ فِيهِ، وَكَانُوا اثْنَانِ وَثَمَانُونَ رَجُلًا (?).
فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ (43) لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (44) إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ} (?).
فَالذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ، وَيَعْتَقِدُونَ بِيَوْمِ الْجَزَاءِ، لَا يَنْتَظِرُونَ أَنْ يُؤْذَنَ لَهُمْ في أَدَاءِ فَرِيضَةِ الْجِهَادِ، وَلَا يَتَلَكَّؤُونَ في تَلْبِيَةِ دَاعِي النَّفْرَةِ في سَبِيلِ اللَّهِ بِالْأَمْوَالِ وَالْأَرْوَاحِ، بَلْ يُسَارِعُونَ إِلَيْهَا خِفَافًا وثِقَالًا كَمَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ، طَاعَةً لِأَمْرِهِ، وَيَقِينًا بِلِقَائِهِ، وَثِقَةً بِجَزَائِهِ، وَابْتِغَاءً لِرِضَاهُ، وَإِنَّهُمْ لَيَتَطَوَّعُونَ تَطَوُّعًا فَلَا يَحْتَاجُونَ إِلَى مَنْ يَسْتَحِثُّهُمْ، فَضْلًا عَنِ الْإِذْنِ لَهُمْ، إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُ أُولَئِكَ الذِينَ خَلَتْ قُلُوبُهُمْ مِنَ الْيَقِينِ فَهُمْ يَتَلَكَّؤُونَ وَيَتَلَمَّسُونَ الْمَعَاذِيرَ، لَعَلَّ عَائِقًا مِنَ الْعَوَائِقِ يَحُولُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ النّهُوضِ بِتَكَالِيفِ الْعَقِيدَةِ التِي يَتَظَاهَرُونَ بِهَا، وَهُمْ