انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (?).
ذَلِكَ بَدْءُ الْعِتَابِ لِلْمُتَخَلِّفِينَ، وَالتَّهْدِيدِ بِعَاقِبةِ التّثاقُلِ عَنِ الْجِهَادِ في سبِيلِ اللَّهِ، وَالتَّذْكِيرِ لَهُمْ بِمَا كَانَ مِنْ نَصْرِ اللَّهِ تَعَالَى لِرَسُولِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، قَبْلَ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ مِنْهُمْ أَحَدٌ، وَبِقُدْرَته عَلَى إِعَادَةِ هَذَا النَّصْرِ بِدُونِهِمْ، فَلَا يَنَالُهُمْ عِنْدَئِذٍ إِلَّا إِثْمُ التَّخَلُّفِ وَالتَّقْصِيرِ (?).
فَأَسْرَعَ الْمُسْلِمُونَ يتَجَهَّزُونَ لِلْخُرُوجِ، وَأَخَذَتِ القبَائِلُ تَقْدُمُ الْمَدِينَةَ مِنْ كُلِّ حَدْبٍ وَصَوْبٍ، مِنْهَا: غِفَارٌ، وَأَسْلَمُ، وَجُهَيْنَةَ، وَأَشْجَعَ، وَبَنُو كَعْبٍ مِنْ خُزَاعَةَ.
حَثَّ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ عَلَى الْإِنْفَاقِ لِجَيْشِ الْعُسْرَةِ، فتَسَابَقَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ إِلَى التَّنَافُسِ في الْإِنْفَاقِ كُلٌّ حَسَبَ مَقْدِرَتِهِ، وَإِلَيْكُمْ بَعْضَ هَذِهِ النَّفَقَاتِ:
كَانَ أَوَّلَ مَنْ جَاءَ بِصَدَقَتِهِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ