يَخْرُجُ إِلَى غَزْوَةٍ إِلَّا وَوَرَّى (?) بِغَيْرِهَا، إِلَّا مَا كَانَ مِنْ غَزْوَةِ خَيْبَرَ وَغَزْوَةِ تَبُوكَ (?)، فَغَزْوَةُ خَيْبَرَ، فلِأنَّ اللَّه تَعَالى وَعَدَ رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بفَتْحِهَا، وَأمَّا غزْوَةُ تَبُوكَ، فَلبُعْدِ الشُّقَّةِ (?)، وَشِدَّةِ الزَّمَانِ، إِذْ كَانَ ذَلِكَ في شِدَّةِ الْحَرِّ، حِينَ طَابَتِ الظِّلَالُ، وَأَيْنَعَتِ الثِّمَارُ، وَحُبِّبَ إِلَى النَّاسِ الْمُقَامُ، وَكَثْرَةِ الْعَدُوِّ. . . وَكَانَ لِهَذِهِ الْعَوَامِلِ الْمُخْتَلِفَةِ أَثَرُهَا في تَثَاقُلِ بَعْضِ النَّاسِ عِنْدَ النَّفْرَةِ، فَبَدَأَتِ الْآيَاتُ تَنْزِلُ في سُورَةِ التَّوْبَةِ لِتُعَالِجَ هَذَا الْأَمْرَ، فَقَالَ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ (38) إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39) إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40)