فَقَالَ النَّاسُ: قَدْ صَدَقَ وَاللَّهِ ابْنُ رَوَاحَةَ، وَاسْتَقَرَّ الأَمْرُ عَلَى مُقَاتَلَةِ العَدُوِّ (?).
بَعَثَتْ هَذِهِ العَقِيدَةُ وَالنَّفْسِيَّةُ طُمَأْنِينَةً فِي أَنْفُسِهِمْ، وَسَكِينَةً فِي قُلُوبِهِمْ، وَشَجَاعَةً خَارِقَةً لِلْعَادَةِ، وَاسْتِهَانَةً بِالعَدَدِ وَالعُدَّةِ، وَعَدَمَ عِبَادَةٍ لِلْمَادَّةِ، وَعَدَمَ اتِّخَاذِ الأَسْبَابِ أَرْبَابًا، وَعَرَفُوا أَنَّهُمْ يُقَاتِلُونَ بِقُوَّةِ الدِّينِ، وَيَظْفَرُونَ وَيَغْلِبُونَ ببَرَكَةِ الإِسْلَامِ، فَكَانُوا شَدِيدِي الِاحْتِفَاظِ، كَثِيرِي الِاعْتِدَادِ بِهَا (?).
وَبَعْدَ أَنْ قَضَى المُسْلِمُونَ لَيْلَتَيْنِ فِي مَعَانَ، تَحَرَّكُوا إِلَى أَرْضِ العَدُوِّ، فَلَمَّا وَصَلُوا تُخُومَ (?) البَلْقَاءَ، لَقِيَتْهُمْ جُمُوعُ هِرَقْلَ مِنَ الرُّومِ وَنَصَارَى العَرَبِ، بِقَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا "مُشَارِفٌ"، ثُمَّ دَنَا العَدُوُّ، وَانْحَازَ المُسْلِمُونَ إِلَى قَرْيَةِ مُؤْتَةَ، فَعَسْكَرُوا هُنَاكَ، وَتَعَبَّاَ الجَيْشُ الإِسْلَامِيُّ لِلْقِتَالِ، فَجَعَلَ زَيْدُ بنُ حَارِثَةَ -رضي اللَّه عنه- عَلَى المَيْمَنَةِ: قُطْبَةَ (?) بنَ قتَادَةَ العُذْرِيَّ (?)، وَعَلَى المَيْسَرَةِ: عَبَايَةَ بنَ مَالِكٍ الأَنْصَارِيَّ (?).