وَلَمْ يَكُنِ المُسْلِمُونَ أَدْخَلُوا فِي حِسَابِهِمْ لِقَاءَ مِثْلَ هَذَا الجَيْشِ العَرَمْرَمِ (?)، الذِي فُوجِئُوا بِهِ، فَأَقَامُوا فِي مَعَانَ لَيْلَتَيْنِ يُفَكِّرُونَ فِي أَمْرِهِمْ، وَيَنْظُرُونَ وَيَتَشَاوَرُونَ، هَلْ يَكْتبونَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يُخْبِرُونَهُ بِعَدَدِ عَدُوِّهِمْ، فَإِمَّا أَنْ يُمِدَّهُمْ بِالرِّجَالِ، أَوْ يَأْمُرَهُمْ بِأَمْرِهِ فَيَمْضُوا إِلَيْهِ، وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ رَأْيٌ بِالِانْسِحَابِ، فَانْظُرُوا الشَّجَاعَةَ وَالجُرْأَةَ (?).
فَعِنْدَ ذَلِكَ قَامَ عَبْدُ اللَّهِ بنُ رَوَاحَةَ -رضي اللَّه عنه- وَعَارَضَ هَذَا الرَّأْيَ، وَشَجَّعَ النَّاسَ قَائِلًا: يَا قَوْمِ! وَاللَّهِ إِنَّ التِي تَكْرَهُونَ لَلَّتِي خَرَجْتُمْ تَطْلُبُونَ، الشَّهَادَةُ، وَمَا نُقَاتِلُ النَّاسَ بِعَدَدٍ وَلَا قُوَّةٍ وَلَا كَثْرَةٍ، مَا نُقَاتِلُهُمْ إِلَّا بِهَذَا الدِّينِ الذِي أَكْرَمَنَا اللَّهُ بِهِ، فَانْطَلِقُوا فَإِنَّمَا هِيَ إِحْدَى الحُسْنيَيْنِ، إِمَّا ظُهُورٌ، وَإِمَّا شَهَادَةٌ (?).