قَالَ ابنُ القَيِّمِ: فَصْلٌ في الإِشَارَةِ إِلَى بَعْضَ الحِكَمِ التِي تَضَمَّنَتْهَا هَذِهِ الهُدْنَةُ، وَهِيَ أَكْبَرُ وَأَجَلُّ مِنْ أَنْ يُحِيطَ بِهَا إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى الذِي أَحْكَمَ أَسْبَابَهَا، فَوَقَعَتْ الغَايَةُ عَلَى الوَجْهِ الذِي اقْتَضَتْهُ حِكْمَتُهُ وحَمْدُهُ (?).
رَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ -رضي اللَّه عنه- أَنَّهُ قَالَ في قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا}، قَالَ: الحُدَيْبِيَةُ (?).
وَقَالَ الإِمَامُ الطَّحَاوِيُّ في شَرْحِ مُشْكِلِ الآثَارِ: أَجْمَعَ النَّاسُ أَنَّ الفَتْحَ المَذْكُورَ في الآيَةِ التِي تَلَوْنَاهَا (?) هُوَ مَا كَانَ مِنْ أَمْرِ الحُدَيْبِيَةِ مِنَ الصُّلْحِ الذِي كَانَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَبَيْنَ أَهْلِ مَكَّةَ مَا كَانَ سَبَبًا لِفَتْحِهَا (?).
وَرَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ عَنِ البَرَاءِ بنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ: تَعُدُّونَ أَنْتُمْ الفَتْحَ فَتْحَ مَكَّةَ، وَقَدْ كَانَ فَتْحُ مَكَّةَ فَتْحًا، وَنَحْنُ نَعُدُّ الفَتْحَ بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ (?).