مُتَسَلِّحِينَ، فَهَبَطُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِنْ جَبَلِ التَّنْعِيمِ، وَحَاوَلُوا التَّسَلُّلَ إِلَى مُعَسْكَرِ المُسْلِمِينَ لِيُصِيبُوا مِنْهُمْ أَحَدًا، أَوْ يَجِدُوا مِنْهُمْ غِرَّةً (?)، غَيْرَ أَنَّ مُحَمَّدَ بنَ مَسْلَمَةَ -رضي اللَّه عنه- قَائِدَ حَرَسِ المُسْلِمِينَ كَانَ مُتيَقِّظًا، فَأَسَرُوا الثَّمَانِينَ رَجُلًا جَمِيعًا (?)، فَأَتَى بِهِمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هَلْ جِئْتُمْ في عَهْدِ أَحَدٍ، أَوْ هَلْ جَعَلَ لَكُمْ أَحَدٌ أَمَانًا؟ ".
قَالُوا: لَا، فَخَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- سَبِيلَهُمْ وَعَفَا عَنْهُمْ جَمِيعًا، رَغْبَةً مِنْهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- في الصُّلْحِ، وَأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ لِقِتَالٍ، وَفِي ذَلِكَ نَزَلَ قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا} (?).
وَلَمَّا رَأَتْ قُرَيْشٌ ذَلِكَ بَعَثَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- سُهَيْلَ بنَ عَمْرٍو، وَمَعَهُ حُوَيْطِبُ بنُ عَبْدِ العُزَّى، وَمِكْرَزُ بنُ حَفْصٍ، وَقَالُوا لَهُ: ائْتِ مُحَمَّدًا فَصَالِحْهُ، وَلَا يَكُونُ في صُلْحِهِ إِلَّا أَنْ يَرْجعَ عَنَّا عَامَهُ هَذَا، فَوَاللَّهِ لَا تَتَحَدَّثُ العَرَبُ عَنَّا،