قُلْتُ: لَعَلَّ جَابِرًا -رضي اللَّه عنه- إِنَّمَا قَالَ مَا قَالَ بِنَاءً عَلَى مَا كَانَ يَظُنُّهُ مِنْ مَوْضِعِ الشَّجَرَةِ، وَهَذِهِ الشَّجَرَةُ التِي تَوَهَّمَ النَّاسُ أَنَّهَا هِيَ التِي تَمَّتْ بَيْعَةُ الرِّضْوَانِ تَحْتَهَا قَدْ أَمَرَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ -رضي اللَّه عنه- في خِلَافَتِهِ بِقَطْعِهَا، فَقَدْ رَوَى ابنُ سَعْدٍ في طَبَقَاتِهِ بِسَنَدٍ صحِيحٍ عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى ابنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ النَّاسُ يَأْتُونَ الشَّجَرَةَ التِي يُقَالُ لَهَا: شَجَرَةَ الرِّضْوَانِ التِي بُويِعَ تَحْتَهَا فيصَلُّونَ عِنْدَهَا، فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ -رضي اللَّه عنه- فَأَوْعَدَهُمْ فِيهَا، وَأَمَرَ بِهَا فَقُطِعَتْ (?).
قَالَ الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ الغَزَالِي: وَقَدْ قُطِعَتِ الشَّجَرَةُ وَنُسِيَ مَكَانُهَا، وَذَلِكَ خَيْرٌ، فَلَوْ بَقِيَتْ لَضُرِبَتْ عَلَيْهَا قُبَةٌ، وَشُدَّتْ إِلَيْهَا الرِّحَالُ، فَإِنَّ الرِّعَاعَ (?) سِرَاعُ التَّعَلُّقِ بِالمَوَادِّ وَالآثَارِ التِي تَقْطَعُهُمْ عَنِ اللَّهِ (?).
وَلَمَّا تَمَّتِ البَيْعَةُ رَجَعَ عُثْمَانُ بنُ عَفَّانَ -رضي اللَّه عنه- إِلَى المُسْلِمِينَ.
وَلَمَّا عَلِمَتْ قُرَيْشٌ بِهَذ البَيْعَةِ خَافُوا، وَرَغِبَ أَهْلُ الرَّأْي فِيهِمْ بِالصُّلْحِ، بَيْنَمَا رَأَى بَعْضُهُمُ اللُّجُوءَ إِلَى الحَرْبِ فَقَرَّرُوا أَنْ يَتَسَلَّلُوا لَيْلًا إِلَى مُعَسْكَرِ المُسْلِمِينَ، ويُحْدِثُوا أَحْدَاثًا تُشْعِلُ نَارَ الحَرْبِ، فَخَرَجَ ثَمَانُونَ رَجُلًا مِنْهُمْ