بِانْقِطَاعِ الوَحْي -أَيْ بِمَوْتِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَمْ لَا. .؟ .

فالجَوَابُ: يُؤْخَذُ منْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ المُتَقَدِّمِ، فَفِيهِ: قَالُوا: كُنَّا نَقُولُ وُلِدَ اللَّيْلَةَ رَجُلٌ عَظِيمٌ، ومَاتَ رَجُلٌ عَظِيمٌ، فَقَالَ رسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فإنَّهَا لا يُرْمَى بِهَا لِمَوْتِ أَحَدٍ ولا لِحَيَاتِهِ، ولَكِنْ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى اسْمُهُ، إِذَا قَضَى أَمْرًا سَبَّحَ حَمَلَةُ الْعَرْشِ. . . قَالَ: فَيَسْتَخْبِرُ بَعْضُ أَهْلِ السَّمَوَاتِ بَعْضًا، حتَّى يَبْلُغ الخَبَرُ هَذِهِ السَّمَاءَ الدُّنْيَا، فَتَخْطِفُ الجِنُّ السَّمْعَ فَيَقْذِفُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ. . . " (?).

فيؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ سَبَبَ التَّغْلِيظِ والحِفْظِ لَمْ يَنْقَطِعْ لِمَا يَتَجَدَّدُ مِنَ الحَوَادِثِ التِي تُلْقَى بِأَمْرِهِ إِلَى المَلَائِكَةِ، فإنَّ الشَّيَاطِينَ مَعَ شِدَّةِ التَّغْلِيظِ عَلَيْهِمْ في ذَلِكَ بَعْدَ البَعْثِ لَمْ يَنْقَطِعْ طَمَعُهُمْ في اسْتِرَاقِ السَّمْعِ في زَمَن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فكيْفَ بِمَا بَعْدَهُ.

وقدْ قَالَ عُمَرُ -رضي اللَّه عنه- لِغَيْلَانَ بنِ سَلَمَةَ -رضي اللَّه عنه- لَمَّا طَلَّقَ نِسَاءَهُ: إنِّي لَأَظُنُّ الشَّيْطَانَ فِيمَا يَسْتَرِقُ مِنَ السَّمْعِ سَمعَ بِمَوْتِكَ، فَقَذَفَهُ فِي نَفْسِكَ. . (?).

فهَذَا ظَاهِرٌ في أَنَّ اسْتِرَاقَهُمُ السَّمْعَ اسْتَمَرَّ بَعْدَ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فكَانُوا يَقْصِدُونَ اسْتِمَاعَ الشَّيْءِ مِمَّا يَحْدُثُ فَلا يَصِلُونَ إلى ذَلِكَ، إِلَّا إنِ اخْتَطَفَ أحَدُهُمْ بِخِفَّةِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015