وكُنْتُ حِينَئِذٍ سِيَرِيًّا مَحْضًا، وكَانَ يَنْبَغِي لَنَا أنْ نَذْكُرَ الخِلَافَ.
وعَلَّقَ الحَافِظُ في الفَتْحِ عَلَى كَلَامِ الحَافِظِ الدِّمْيَاطِيِّ بِقَوْله:
ودَلَّ قَوْلُ الدِّمْيَاطِيِّ أنَّهُ كانَ يَعْتَقِدُ الرُّجُوعَ عَنْ كَثِيرٍ مِمَّا وَافَقَ فِيهِ أهْلَ السِّيَرِ، وخَالَفَ الأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ، وأنَّ ذَلِكَ كانَ مِنْهُ قَبْلَ أنْ يتضَلَّعَ (?) مِنَ الأحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ، ولخُرُوجِ نُسَخٍ مِنْ كِتَابِهِ وانْتِشَاره لَمْ يَتَمَكَنْ مِنْ تَغْيِيرِهِ (?).
وقَدْ تَتَبَّعْتُ السِّيرَةَ النَّبَوِيَّةَ قُرَابَةَ العَشْرِ سَنَوَاتٍ، وقَرَأْتُ خِلَالَهَا كَثِيرًا مِنْ كتبِ السِّيَرِ والمَغَازِي، وكُتُبِ الحَدِيثِ النَّبَوِيِّ، حتَّى مَيَّزْتُ كَثِيرًا مِنَ الحَوَادِثِ الصَّحِيحَةِ والحَسَنَةِ عَنِ الضَّعِيفَةِ، وحَرِصْتُ كُلَّ الحِرْصِ عَلَى بَيَانِ مَعْنَى الكَلِمَاتِ التِي قَدْ يَصْعُبُ فَهْمُهَا مِنْ كتبِ اللُّغَةِ المُعْتَمَدَةِ، كَلِسَانِ العَرَبِ، والقَامُوسِ المُحِيطِ، وأمَّا الأحَادِيثُ النَّبَوِيَّةُ، وكَذَلِكَ الحَوَادِثُ التَّارِيخِيَّةُ التِي ذُكِرَتْ في السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ كانَ حُكْمِي عَلَيْهَا مِنْ نَاحِيَةِ الصِّحَّةِ والضَّعْفِ هُوَ مِنْ خِلَالِ حُكْمِ العُلَمَاءِ عَلَى هَذه الأحَادِيثِ والحَوَادِثِ، وبَعْضُهَا لَمْ أَجِدْ مَنْ حَكَمَ عَلَيْهَا فترَكْتُهَا عَلَى حَالِهَا، وعَزَوْتُهَا إلَى مَصْدَرِهَا.