عَلَى الطَّرِيقِ، وَخَرَجَتْ عِيرُ قُرَيْشٍ، وَفِيهَا مَالٌ كَثِيرٌ، وَفِضَّةٌ كَثِيرَةٌ وَزْنَ ثَلَاثِينَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، يَقُودُهَا صَفْوَانُ بنُ أُمَيَّةَ، وَقِيلَ أَبُو سُفْيَانَ بنِ حَرْبٍ، فَسَلَكَ بِهِمْ فُرَاتُ بنُ حَيَّانَ عَلَى ذَاتِ عِرْقٍ طَرِيقِ العِرَاقِ.
وَقَدْ بَلَغَتِ الرَّسُولَ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَنْبَاءُ هَذِهِ العِيرِ، وَذَلِكَ أَنَّ نُعَيْمَ (?) بنَ مَسْعُودٍ الأَشْجَعِيَّ قَدِمَ المَدِينَةَ، وَهُوَ عَلَى دِينِ قَوْمِهِ، فنَزَلَ عَلَى كِنَانَةِ بنِ أَبِي الحُقَيْقِ في بَنِي النَّضِيرِ، فَشَرِبَ مَعَهُ الخَمْرَ، وَعِنْدَهُ سَلِيطُ بنُ النُّعْمَانِ -وَكَانَ قَدْ أَسْلَمَ- وَلَمْ تُحَرَّمِ الخَمْرُ يَوْمَئِذٍ، فَلَمَّا أَخَذَتِ الخَمْرُ مِنْ نُعَيْمٍ تَحَدَّثَ بِالتَّفْصِيلِ عَنْ أَمْرِ العِيرِ وَخُطَّةِ سَيْرِهَا، فَخَرَجَ سَلِيط مِنْ سَاعَتِهِ مُسْرِعًا إلى الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَأَخْبَرَهُ بِأَمْرِهِمْ.
فَبعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- زَيْدَ بنَ حَارِثَةَ -رضي اللَّه عنه-، في مِائَةِ رَاكِبٍ يَعْتَرِضُ عِيرَ قُرَيْشٍ، فَلَقِيَهُمْ عَلَى مَاءٍ مِنْ مِيَاهِ نَجْدٍ يُقَالُ لَهُ: القَرَدَةُ، فَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا كُلَّهَا، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ صَفْوَانَ بنِ أُمَيَّةَ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ حَرَسِ القَافِلَةِ إِلَّا الفِرَارُ بِدُونِ أَيِّ مُقَاوَمَةٍ.
وَأَسَرَ المُسْلِمُونَ دَلِيلَ القَافِلَةِ فُرَاتَ بنَ حَيَّانٍ، فَقَدِمُوا بِهِ، وَبِالعِيرِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَمَرُّوا بِهِ بِحَلَقَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ فُرَات: إِنِّي مُسْلِمٌ، فَقَالُوا: