وَفِي مُنْتَصَفِ المُحَرَّمِ مِنَ السَّنَةِ الثَّالِثَةِ لِلْهِجْرَةِ، خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فِي مِائَتَيْنِ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَذَلِكَ عِنْدَمَا بَلَغَهُ أَنَّ جَمْعًا مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ وَغَطَفَانَ تَجَمَّعَتْ بِقَرْقَرَةِ الكُدْرِ، وَهُوَ مَاءٌ لِبَنِي سُلَيْمٍ، وَاسْتَخْلَفَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَلَى المَدِينَةِ سِبَاعَ بنَ عُرْفُطَةَ الغِفَارِيَّ -رضي اللَّه عنه-، أَوِ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ، وَدَفَعَ لِوَاءَهُ إِلَى عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ -رضي اللَّه عنه-.
فَسَارَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ حَتَّى بَلَغَ قَرْقَرَةَ الكُدْرِ، فَأَقَامَ عَلَيْهِ ثَلَاثَ لَيَالٍ، فَلَمْ يَلْقَ أَحَدًا مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ وَغَطَفَانَ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِهِ فِي أَعْلَى الوَادِي، وَاسْتَقْبَلَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فِي بَطْنِ الوَادِي، فَوَجَدَ رُعَاءً فِيهِمْ غُلَامٌ يُقَالُ لَهُ: يَسَارٌ، فَسَأَلَهُ عَنِ النَّاسِ، فَقَالَ: لَا عِلْمَ لِي بِهِمْ إِنَّمَا أُورِدُ لِخِمْسٍ (?)، وَهَذَا يَوْمُ رِبْعِيٍّ (?)، وَالنَّاسُ قَدِ ارْتَفَعُوا إِلَى المِيَاهِ، وَنَحْنُ عُزَّابٌ