وَالمَقْصُودُ بِالفِئَتَيْنِ فِي هَذَا الحَدِيثِ جَيْشُ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ -رضي اللَّه عنه-، وَجَيْشُ مُعَاوِيَةَ بنِ أَبِي سُفْيَانَ -رضي اللَّه عنه-، فَإِنَّهُ لَمَّا قُتِلَ عَلِيٌّ -رضي اللَّه عنه-، وَبُويِعَ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ بِالخِلَافَةِ تَنَازَلَ عَنْهَا لِمُعَاوِيَةَ بنِ أَبِي سُفْيَانَ -رضي اللَّه عنه-، وَكَانَ تَسْلِيمُ الحَسَنِ -رضي اللَّه عنه- الأَمْرَ لِمُعَاوِيَةَ -رضي اللَّه عنه- فِي الخَامِسِ مِنْ رَبِيعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ مِنَ الهِجْرَةِ، وَسُمِّيَ ذَلِكَ العَامُ عَامَ الجَمَاعَةِ؛ لِاجْتِمَاعِ الكَلِمَةِ فِيهِ عَلَى مُعَاوِيَةَ -رضي اللَّه عنه-.
قَالَ ابْنُ العِمَادِ فِي شَذَرَاتِ الذَّهَبِ فِي أَحْدَاثِ سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ فِي رَبِيعٍ الأَوَّلِ مِنْهَا: سَارَ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ -رضي اللَّه عنه- بِجُيُوشِهِ نَحْوَ الشَّامِ، وَعَلَى مُقَدِّمَتِهِ قَيْسُ بنُ سَعْدِ بنِ عُبَادَةَ -رضي اللَّه عنه-، وَسَارَ مُعَاوِيَةُ -رضي اللَّه عنه- بِجُيُوشِهِ فَالْتَقَوْا بِنَاحِيَةِ الأَنْبَارِ (?)، فَوَفَّقَ اللَّهُ الحَسَنَ -رضي اللَّه عنه-، فَحَقَنَ دِمَاءَ المُسْلِمِينَ، وَتَرَكَ الأَمْرَ لِمُعَاوِيَةَ -رضي اللَّه عنه- كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي صَحِيحِ البُخَارِيِّ، وَظَهَرَ حِينَئِذٍ صِدْقُ الحَدِيثِ النَّبَوِيِّ فِيهِ حَيْثُ قَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ المُسْلِمِينَ" (?).
قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ: وَفِي هَذَا الحَدِيثِ مِنَ الفَوَائِدِ:
1 - عَلَمٌ مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ.