"فَصُمْ صِيَامَ دَاوُدَ (عَلَيهِ السَّلامُ ". قَال: وَكَيفَ كَانَ دَاوُدُ يَصُومُ يَا نَبِيَّ اللهِ؟ قَال: "كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا. وَلَا يَفِرُّ إِذَا لاقى" قَال: مَنْ لِي بِهذِهِ يَا نَبِيَّ اللهِ؟ (قَال عَطَاءٌ: فَلَا أَدْرِي كَيفَ ذَكَرَ صِيَامَ الأَبَدِ) فَقَال النبِيُّ صَلى اللهُ عَلَيهِ وَسَلمَ: "لَا صَامَ مَنْ صَامَ الأَبَدَ. لَا صَامَ مَنْ صَامَ الأَبَدَ. لَا صَامَ مَنْ صَامَ الأَبَدَ"
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قلت ذلك (فصم صيام) نبي الله (داود - عليه السلام - قال) عبد الله قلت له صلى الله عليه وسلم (وكيف كان داود يصوم يا نبي الله قال) النبي صلى الله عليه وسلم (كان) داود - عليه السلام - (يصوم يومًا ويفطر يومًا) وهو أشد الصيام على النفس فإن من صام هذا الصوم لا يعتاد الصوم ولا الإفطار فيصعب عليه كل منهما إذ النفس تصادف مألوفها في يوم وتفارقه في آخر (ولا يفر) داود أي لا يهرب (إذا لاقى) العدو أي عند لقاء العدو الحربي.
قيل في ذكر هذا عقب ذكر صومه: إشارة إلى أن الصوم على هذا الوجه لا ينهك البدن ولا يضعفه بحيث يضعفه عن لقاء العدو بل يستعين بفطر يوم على صيام يوم فلا يضعف عن الجهاد وغيره من الحقوق ويجد مشقة الصوم في يوم الصيام لأنه لم يعتده بحيث يصير الصيام له عادة فإن الأمور إذا صارت عادة سهلت مشاقها (قال) عبد الله (من) يتكفل (لي بهذه) الخصلة التي لداود - عليه السلام - لا سيما عدم الفرار، قال النواوي: معناه هذه الخصلة الأخيرة وهي عدم الفرار صعبة عليّ كيف لي تحصيلها (يا نبي الله، قال عطاء) بن أبي رباح بالإسناد السابق (فلا أدري) ولا أعلم (كيف ذكر) بفتحتات أي كيف ذكر عبد الله بن عمرو أو النبي صلى الله عليه وسلم (صيام الأبد) أي صيام الدهر أي لا أحفظ كيف جاء ذكر صيام الأبد في هذه القصة، يعني أن عطاء لم يحفظ كيف جاء ذكر صيام الأبد في هذه القصة إلا أنه حفظ قول عبد الله بن عمرو (فقال) لي (النبي صلى الله عليه وسلم لا صام من صام الأبد) أي الدهر (لا صام من صام الأبد، لا صام من صام الأبد) هكلذا في بعض النسخ بالتكرار ثلاث مرات، وفي بعضها بالتكرار مرتين، قال القرطبي: وقوله (فلا أدري كيف ذكر صيام الأبد) هو شك عرض للراوي، ثم قال بعد أن عرض له ذلك الشك (لاصام من صام الأبد) فأتى بصوم الأبد على هذا اللفظ من غير شك ولا تردد بل حقق نقله وحرر لفظه، وأما الذي تقدم في حديث أبي قتادة فإنه شك في أي اللفظين قال: فذكرهما، فقال فيه قال: يا رسول الله كيف من يصوم الدهر؟ قال: لا صام ولا أفطر أو لم يصم ولم يفطر. وقد تقدم