كِفَايَةٌ لِذَوي الْفَهْمِ. فَإذَا كَانَتْ الْعِلَّةُ عِنْدَ مَنْ وَصَفْنَا قَوْلَهُ مِنْ قَبْلُ فِي فَسَادِ الْحَدِيثِ وَتَوْهِينهِ إِذَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّ الرَّاويَ قَدْ سَمعَ مِمَّنْ رَوَى عَنْهُ شَيئًا: إِمْكَانَ الإِرْسَالِ فِيهِ .. لَزِمَهُ تَرْكُ الاحْتِجَاجِ فِي قِيَادِ قَوْلهِ

ـــــــــــــــــــــــــــــ

وقوله: (كِفَايةٌ) وغنىً عن الزيادة عليها (لذوي الفَهْمِ) الثاقب ولأصحاب العقل الكامل: مبتدأٌ مؤخَّرٌ فلا حاجة إلى إكثارها وتعدادها وإطالةِ الكلام بها؛ لأنَّ الذكيَّ يعرفُ بالإشارة ما لا يعرفه الغبيُّ بألف عبارة.

والفاء في قوله: (فإذا كانت العِلَّةُ) والسبب فاءُ الفصيحة؛ لأنها أفصحتْ عن جواب شرطٍ مقدَّرٍ تقديره: إذا عرفت ما ذكرته لك من التفاصيل وأردتَ بيان حاصله .. فأقول لك: فإذا كانت العِلَّةُ ... وإذا شرطيةٌ، وجملةُ كان فعل شرطها، و (العِلَّةُ) اسمُ كان، والعلَّةُ: المرضُ وَحَدثٌ يشغل صاحِبَهُ عن وجهه، كأنَّ تلك العلَّةَ صارت شُغْلًا ثانيًا منعه عن شُغله الأول اهـ "مختار".

أي: فإذا كان السببُ (عندَ مَنْ وَصَفْنا) وذكرنا (قولَه) وزَعْمَه الفاسدَ (مِنْ قَبْلُ) متعلِّقٌ بوصفنا، وهو الذي يَشْتَرِطُ التلاقي والاجتماعَ في الاحتجاج بالحديث المعنعن (في فَسَادِ الحديثِ) وضَعْفِه في نفسه (وتَوْهِينِهِ) أي: وتضعيف الحديث والحُكْمِ بضعفه، والجارُّ والمجرورُ متعلِّق بالعِلَّةِ.

و(إذا) في قوله: (إذا لم يُعْلَمْ) مُجَرَّدٌ عن معنى الشرط تَنَازَعَ فيه المصدران قبله؛ أي: وإنْ كان السببُ عنده في ضَعْفِ الحديث وتوهينه وَقْتَ عدمِ عِلْمِ (أَنَّ الراويَ قد سَمعَ مِمَّنْ رَوَى عنه شيئًا) من الحديث قليلًا ولا كثيرًا؛ أَي: وقتَ عدم سماع الراوي مَمَّنْ رَوَى عنه شيئًا) من الحديث.

وقولُه: (إمْكَانَ الإِرْسَالِ) والانقطاع خبرُ كان، (فيه) أي: في إسنادِ الحديثِ المعنعنِ وقولُه: ( .. لَزِمَه) أي: لَزِمَ ذلك الزاعمَ جوابُ إذا، وقولُه: (تَرْكُ الاحتجاجِ) والاستدلال فاعلُ لَزِمَ.

وقولُه: (في قِيَادِ قوله) أي: بمقتضَى قوله ومُوجَبِ زَعْمِه: متعلِّقٌ بـ (لَزِمَه)، وهو بقاف مكسورة ثم ياء مثناة من تحتُ؛ أي: بمقتضى قوله وما يقوده إليه، و (في) بمعنى الباء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015