يَعْنِي تَمَامَ ثَلَاثِينَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بأصابعه كلها (يعني) النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الإشارة الأخيرة يكون الشهر (تمام ثلاثين) أي ثلاثين تامة كما بينه في كثير من الروايات فالعبرة حينئذ بالرؤية لا غير أفاده السندي في حاشيتة على النسائي وعلى الثاني نحن معاشر العرب أمة منسوبة إلى أم القرى وهي مكة أي أمة مكِّيَّة.
وليس مرادًا هنا وقيل الأمي منسوب إلى أمة العرب كانوا غالبًا أميين لا يعرفون الكتابة ولا يقرأون من كتاب وعليه حمل قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ} [الجمعة: 2] والنبي الأمي منسوب إليهم لكونه على عادتهم وفي البيضاوي في تفسير سورة الأعراف: وصفه تعالى به تنبيهًا على أن كمال علمه مع حاله إحدى معجزاته.
وقوله: (لا نكتب ولا نحسب) بيان لقوله أميَّة قال ملَّا علي: وهذا الحكم بالنظر إلى أكثرهم أو المراد لا نحسن الكتابة والحساب فعلمنا يتعلق برؤية الهلال ونراه مرة تسعًا وعشرين ومرة ثلاثين وهذا معنى قوله (الشهر هكذا وهكذا وهكذا إلخ).
قال الحافظ: (قوله: لا نكتب ولا نحسب) لأن الكتابة فيهم قليلة نادرة والمراد بالحساب هنا حساب النجوم وتسييرها ولم يكونوا يعرفون من ذلك إلَّا قليلًا أيضًا إلَّا النزر اليسير فعلق الحكم بالصوم وغيره بالرؤية لرفع الحرج عنهم في معاناة حساب التَّسيير واستمر الحكم في الصوم ولو حدث بعدهم من يعرف ذلك بل ظاهر السياق يشعر بنفي تعليق الحكم بالحساب أصلًا ويوضحه قوله في الحديث الماضي (فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين) ولم يقل: فسلوا أهل الحساب والحكمة فيه كون العدد عند الإغماء يستوي فيه المكلفون فيرتفع الاختلاف والنزاع عنهم وقد ذهب قوم إلى أهل التسيير في ذلك وهم الروافض ونقل عن بعض الفقهاء موافقتهم قال الباجي: وإجماع السلف الصالح حجة عليهم مع أنَّه لو ارتبط الأمر بها لضاق إذ لا يعرفها إلَّا القليل اهـ.
وعبارة القرطبي: قوله: (لا نكتب ولا نحسب) أي لم نكلف في تعرف مواقيت صومنا ولا عباداتنا ما نحتاج فيه إلى معرفة حساب ولا كتابة وإنما ربطت عبادتنا باعلام واضحة وأمور ظاهرة يستوي في معرفة ذلك الحسَّاب وغيرهم ثم تمَّم هذا المعنى وكمّله حيث بينه بإشارته بيديه ولم يتلفظ بعبارة عنه نزولًا إلى ما يفهمه الخرس والعجم وحصل من إشارته بيديه ثلاث مرات أن الشهر يكون ثلاثين ومن خنسه إبهامه في الثالثة أن الشهر يكون تسعًا وعشرين كما قد نص عليه في الحديث الآخر وعلى هذا الحديث من نذر أن