مَا يَتَفَرَّدُ بِهِ الْمُحَدِّثُ مِنَ الْحَدِيثِ: أَنْ يَكُونَ قَدْ شَارَكَ الثِّقَاتِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْحِفْظِ فِي بَعْضِ مَا رَوَوْا، وَأَمْعَنَ فِي ذَلِكَ عَلَى الْمُوَافَقَةِ لَهُمْ، فَإِذَا وُجِدَ كَذَلِكَ ثُمَّ زَادَ بَعْدَ ذَلِكَ شَيئًا لَيسَ عِنْدَ أَصْحَابِهِ .. قُبِلَتْ زِيَادَتُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الحُكْمَ الذي حَكَمُوه في قَبُولِ (ما يَتَفَرَّدُ بهِ المُحَدِّثُ مِن) زيادةِ (الحديثِ) على غيرِه، والشَّرْطَ الذي نعرفهُ من مذهبهم في قَبُولِهِ.
وقولهُ: (أَنْ يكونَ) خبرُ أَنَّ؛ أي: أن يكون ذلك المُحَدِّثُ المُتَفَرِّدُ (قد شارَكَ الثِّقاتِ) وصَاحَبَهم، والثِّقاتُ: جَمْعُ ثِقَةٍ، وهو من يُعْتَمَدُ عليهِ ويُؤتَمَنُ به، ويُستعملُ بلفظٍ واحدٍ للمذكر والمؤنث.
وقولُه: (مِنْ أهلِ العِلْمِ والحِفْظِ) بيانٌ للثقات؛ أي: حالة كون أولئك الثقات من أهل هذا العلم والفنّ، ومن أهل الحفظ والضبط فيما نَقَلُوه.
وقولُه: (في بعضِ ما رَوَوْا) مُتَعَلِّقٌ بـ (شَارَكَ)؛ أي: أن يكون ذلك المُحَدِّثُ المتفرِّدُ قد شَارَكَ الثِّقاتِ من أهل هذا العلم، وصَاحَبَهم في رواية بعض ما رَوَوْهُ ونَقَلُوه.
وقولُه: (وأَمْعَنَ) واطمأَنَّ: معطوفٌ على (شَارَكَ).
وقولُه: (في ذلك) متعلِّقٌ بالموافقة المذكورة بعده.
وقولُه: (على المُوَافَقَةِ لهم) متعلِّقٌ بـ (أَمْعَنَ)، أي: وأن يكون ذلك المُحَدِّثُ المتفرِّدُ قد أَمْعَنَ وكَلَّف نفسَه على الموافقة للثقات في بعض ما رَوَوْه، وبَالغَ واسْتَقْصَى فيها؛ أي: في الموافقة لهم في ذلك.
والفاءُ في قوله: (فإذا وُجِدَ) فاءُ الفصيحة؛ لأنها أفصحتْ عن جوابِ شرطٍ مقدرٍ تقديره: إِذا عرفتَ الشرطَ المذكورَ، وأردتَ بيانَ حُكْمِ ما تَفَرَّدَ به، إِذا وُجِدَ الشرطُ المذكورُ .. فأقول لك:
إِذا وُجدَ المُحَدِّثُ (كذلك) أي: مشاركًا للثقات في بعض ما رَوَوْه ومُمْعِنًا -أي: مُكَلِّفًا- نفسَه على الموافقة لهم في ذلك (ثم زادَ بعدَ ذلك) أي: بعدَ مشاركتِهم في ذلك (شيئًا) من الحديث (ليس) ذلك الشيءُ موجودًا (عندَ أصحابه) من الثِّقاتِ ( .. قُبِلَتْ زيادتُه) أي: زيادةُ ذلك المُحَدِّث، التي تَفَرَّد بها من الثقَات؛ لوجود الشرطِ المذكورِ من المشاركة لهم في بعض ما رَوَوْه.