مَعَ مَا نَطَقَ بِهَ الْقُرْآنُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقد ذكره أبو داود في "مصنَّفه" (?) فقال: حدثنا يحيى بن إِسماعيل وابن أبي خلف (?)، أَنَّ يحيى بن يَمَانٍ أخبرهم، عن سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ميمون بن أبي شبيب: أَنَّ عائشة مَرَّ بها سائلٌ فأَعْطَتْه كِسْرَةً، ومَرَّ بها رجلٌ عليه ثيابٌ وهيئةٌ فأقعدتْه فأَكَلَ، فقيل لها في ذلك فقالت: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أنْزِلُوا النَّاسَ مَنازِلَهم".
قال ابنُ الأعرابي: قال أبو داود: ميمون لم يُدْرِكْ عائشة.
وعلى هذا: فالحديثُ منقطعٌ، فقد ظَهَرَ لأبي داود من هذا الحديث ما لم يَظْهَرْ لمسلمٍ، ولو ظَهَرَ له ذلك .. لما جاز له أن يستدلَّ به إِلا أن يكون يعمل بالمراسيل، والله أعلم، على أَنَّ مسلمًا إِنما قال: وذُكِرَ عن عائشة وهو مُشْعِرٌ بضَعْفِه، وأنه لم يكن عنده ممَّا يعتمدُه (?).
ومعنى هذا الحديثِ. الحضُّ على مراعاة مقاديرِ الناس ومراتبِهم ومناصبهم، فيُعَامَلُ كُلُّ أحدٍ منهم بما يَلِيقُ بحالِه، وبما يُلائِمُ منصبَه في الدِّين والعلم والشَّرَف والمرتبة؛ فإِنَّ الله تعالى قد رتب عبيدَه وخَلْقَه، وأَعْطَى كُلَّ ذي حَقٍّ حَقَّه، وقال صلى الله عليه وسلم: "خِيَارُهم في الجاهلية خِيَارُهم في الإِسلام إِذا فقهوا" (?) اهـ (?).
والظرفُ في قوله: (مَعَ ما نَطَقَ به القرآنُ) متعلِّقٌ بقوله: (ذُكِرَ عن عائشة) أي: لما ذكر عنها مع دلالة ما نَطَقَ به القرآنُ ونَزَلَ به وحواه على التنزيل المذكور المروي عن