فَسَمِعَ عُمَرُ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ. فَقَال: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيفَ يَسْمَعُوا وَأَنى يُجِيبُوا وَقَدْ جَيَّفُوا؟ قَال: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ مَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ. وَلَكِنَّهُمْ لَا يَقْدِرُونَ أَنَّ يُجِيبُوا" ثُمَّ أَمَرَ بِهِمْ فَسُحِبُوا. فَأُلقُوا فِي قَلِيبِ بَدْرٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أصحابه وقالوا ما نرى ينطلق إلا لبعض حاجته حتى قام على شفة الركي فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آباءهم.
قوله (يا أمية بن خلف) استشكل بأن أمية بن خلف لم يكن في القليب لأنه كان ضخما فانتفخ فألقوا عليه من الحجارة والتراب ما غيبه وستره، أخرج ذلك ابن إسحاق من حديث عائشة لكن يجمع بينهما بأنه كان قريبًا من القليب فنودي فيمن نودي لكونه كان من جملة رؤسائهم اهـ فتح الباري [7/ 302].
(فسمع عمر) بن الخطاب رضي الله عنه (قول النبي صلى الله عليه وسلم) ونداءه إياهم (فقال يا رسول الله كيف يسمعوا وأنى يجيبوا) لك، قال النووي: هكذا هو في عامة النسخ المعتمدة كيف يسمعوا وأنى يجيبوا من غير نون وهي لغة صحيحة وإن كانت قليلة الاستعمال وسبق بيانها في هذا الكتاب مرات (و) الحال أنهم (قد جيفوا) بفتح الجيم وتشديد الياء أي أنتنوا وصاروا جيفًا يقال جيف الميت وجاف وأجاف وأروح وأنتن بمعنى اهـ من النووي والأبي.
(قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (والذي نفسي بيده ما أنتم) أيها الحاضرون (بأسمع لما أقول منهم ولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا) لي فبهذا استدل من قال بسماع الموتى وتأولته عائشة رضي الله تعالى عنها بقولها ما قال إنهم ليسمعون ما أقول إنما قال إنهم الآن ليعلمون أن ما كنت أقول لهم حق أخرجه البخاري في المغازي برقم [3979] وقال قتادة: أحياهم الله تعالى حتى أسمعهم قوله توبيخًا وتصغيرًا ونقيمة وحسرة وندمًا أخرجه البخاري أيضًا برقم [3976] باب قتل أبي جهل في المغازي.
(ثم أمر) رسول الله صلى الله عليه وسلم (بهم) أي بسحبهم وجرهم إلى القليب (فسحبوا) أي جروا من مصارعهم (فألقوا في قليب بدر) قال النووي: وفي الرواية الأخرى في طوى من أطواء بدر، والقليب والطوى بمعنى وهي البئر المطوية بالحجارة، قال أصحابنا: وهذا السحب إلى القليب ليس دفنا لهم ولا صيانة وحرمة بل لدفع رائحتهم المؤذية اهـ والقليب يؤنث ويجمع على أقلبة وقلب وقُلُب كما في القاموس وهي