بِئْسَ مَا قُلْتِ. أَتَسُبِّينَ رَجُلًا قَدْ شَهِدَ بَدْرًا. قَالَتْ: أَيْ هَنْتَاهُ، أَوَ لَمْ تَسْمَعِي مَا قَالَ؟ قُلْتُ: وَمَاذَا قَالَ؟ قَالَتْ، فَأَخْبَرَتْنِي بِقَوْلِ أَهْلِ الإِفْكِ. فَازْدَدْتُ مَرَضًا إِلَى مَرَضِي. فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى بَيْتِي، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: "كَيفَ تِيكُمْ؟ " قُلْتُ: أَتَأْذَنُ لِي أَنْ آتِيَ أَبَوَيَّ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مسطح (بئس) وقبح (ما قلت) في ابنك يا أُمَّ مسطح (أتسبين) وتشتمين (رجلًا قد شهد بدرًا) أي غزوتها أي تدعين عليه بالهلاك (قالت) لي أم مسطح: (أي هنتاه) بفتح الهاء الأولى وسكون الأخيرة أي يا هذه (أ) تقولين ذلك (ولم تسمعي ما قال) مسطح، قالت عائشة (قلت) لها: (وماذا قال) أي وأيُّ شيء قال (قالت) عائشة: (فأخبرتني) أم مسطح (بقول أهل الإفك) قالت عائشة: (فازددت مرضًا) بما سمعته منها (إلى مرضي) الأول. قوله: (أي هنتاه) بفتح الهاء وسكون النون وفتحها والسكون أشهر وتُضم الهاء الأخيرة وتسكن على أنها هاء سكت، ومعناها يا هذه، وقيل يا مرأة، وقيل: يا بلهى كأنها نسبت إلى قلة المعرفة بمكايد الناس وشرورهم ثم صيغة النداء هذه تختص بنداء البعيد وتستعمل للقريب حيث ينزل منزلة البعيد، قال القسطلاني: أي يا هذه نداء للبعيد فخاطبتها خطاب البعيد لكونها نسبتها إلى البله وقلة المعرفة بمكايد النساء. هذا ملخص ما في العمدة والفتح وإعرابه أي حرف نداء هنتاه منادى نكرة مقصودة في محل النصب مبني على الضم أو مبني بضم مقدر على الألف إن قلنا إن الهاء الأخيرة للسكت.
وقال ابن أبي جمرة: يحتمل أن يكون قول أم مسطح تعس مسطح عمدًا لتتوصل به إلى إخبار عائشة بما قيل فيها وهي غافلة، ويحتمل أن يكون اتفاقًا أجراه الله على لسانها لتستيقظ عائشة عن غفلتها عما قيل فيها، قوله: (فأخبرتني بقول أهل الإفك) وفي رواية ابن أبي أويس عند أبي عوانة والطبراني (إن مسطحًا وفلانًا وفلانًا يجتمعون في بيت عبد الله بن أُبي يتحدثون عنك وعن صفوان يرمونك به). قوله: (فازددت مرضًا إلى مرضي) وفي رواية هشام عند البخاري وعند الطبراني بإسناد صحيح عن أيوب عن أبي مليكة عن عائشة قالت: لما بلغني ما تكلموا به هممت أن آتي قليبًا فأطرح نفسي فيه. (قالت) عائشة كما هو ثابت في رواية البخاري (فلما رجعت إلى بيتي) أي واستَقْرَيتُ فيه (فدخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم) الفاء زائدة في جواب لما (فسلم) على من في البيت (ثم قال كيف تيكم؟ قلت) جواب لما (أتأذن لي أن آتي أبويّ) وفي رواية هشام عند البخاري فقلت: