فَادَّلَجَ. فَأَصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي. فَرَأَى سَوَادَ إِنْسَانٍ نَائِمٍ. فَأَتَانِي فَعَرَفَنِي حِينَ رَآنِي. وَقَدْ كَانَ يَرَانِي قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ الْحِجَابُ عَلَيَّ. فَاسْتَيْقَظْت بِاسْتِرْجَاعِهِ حِينَ عَرَفَنِي. فَخَمَّرْتُ وَجْهِي بِجِلْبَابِي. وَوَاللهِ، مَا يُكَلِّمُنِي كَلِمَةً وَلاَ سَمِعْتُ مِنْهُ كَلِمَةً غَيْرَ اسْتِرْجَاعِهِ. حَتَّى أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ

ـــــــــــــــــــــــــــــ

عليه وسلم أن يجعله على الساقة فكان إذا رحل الناس قام يصلي ثم أتبعهم فمن سقط له شيء أتاه به) وفي حديث أبي هريرة عند البزار وكان صفوان يتخلف عن الناس فيصيب القدح والجراب والإداوة، وفي مرسل مقاتل بن حيان عند الحاكم في الإكليل (فيحمله فيقدم به فيعرفه في أصحابه) (فـ) لما ارتحل الجيش (أدلج) أي سار في آخر الليل وارتحل من منزله (فأصبح) أي فوصل وقت الصباح (عند منزلي فرأى سواد إنسان) أي شخص إنسان (نائم) لا يدري أهو رجل أم امرأة (فأتاني فعرفني حين رآني) لعلها انكشف وجهها نامت (وقد كان يراني) ولأبي ذر وكان رآني (قبل أن يضرب) ويُجعل (الحجاب عليّ) وعلى سائر النساء، وهذا يدل على قدم إسلام صفوان بن معطل فإن الحجاب نزل سنة ثلاث أو أربع في الأصح فلما رآني استرجع أي قال: إنا لله وإنا إليه راجعون (فاستيقظت) أي انتبهت من نومي (باسترجاعه) أي بقوله: إنا لله وإنا إليه راجعون، والمراد أن صفوان لما رآها نائمة وحدها تفطّن أنها تخلفت عن الجيش فاسترجع على ذلك (حين عرفني فخمّرت) بالخاء المعجمة والميم المشددة أي فغطيت (وجهي بجلبابي) تعني الثوب الذي كان عليها وهو بكسر الجيم (و) إنه (والله ما يكلمني كلمة) وفي رواية البخاري (ما كلمني كلمة) والتعبير بالمضارع أحسن من الماضي لما فيه من الإشارة إلى أنه استمر على ترك المخاطبة إذ الماضي يخص النفي بحال الاستيقاظ اه قسطلاني (ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه حتى أناخ راحلته) أي حتى أبرك وأضجع راحلته، فيه نفي لكلامه لها بغير الاسترجاع إلى أن أناخ ولا يمنع ما بعد الإناخة، وفي رواية أبي ذر (حين أناخ راحلته) فالنفي مقيد بحال إناخة الراحلة فلا يمنع ما قبل الإناخة ولا ما بعدها، وقد فهم أكثر الشراح من هذه العبارة أن صفوان لم يخاطبها بكلام غير أنه استرجع فقط فقالوا استعمل معها الصمت اكتفاء بقرائن الحال مبالغة منه في الأدب وإعظامًا لها وإجلالًا، ولكن قد دلت بعض الروايات الأخرى على أنه خاطبها بكلام يتوقع في مثله، فقد وقع في رواية ابن إسحاق أنه قال لها ما خلفك؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015