يَعْنِى حَتَّى شَبِعُوا وَصَارَتْ أَكْثَرَ مِمَّا كَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ، فَنَظَرَ إِلَيْهَا أَبُو بَكْرٍ فَإِذَا هِىَ كَمَا هِىَ أَوْ أَكْثَرُ مِنْهَا. فَقَالَ لاِمْرَأَتِهِ يَا أُخْتَ بَنِى فِرَاسٍ مَا هَذَا قَالَتْ لاَ وَقُرَّةِ عَيْنِى لَهِىَ الآنَ أَكْثَرُ مِنْهَا قَبْلَ ذَلِكَ بِثَلاَثِ مَرَّاتٍ. فَأَكَلَ مِنْهَا أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ - يَعْنِى يَمِينَهُ - ثُمَّ أَكَلَ مِنْهَا لُقْمَةً، ثُمَّ حَمَلَهَا إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَصْبَحَتْ عِنْدَهُ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(قال: يا أخت بني فراس ما هذه؟) -بكسر الفاء وسين مهملة- يخاطب زوجته، وبنو فراس قبيلة، وامرأته هي أم رومان، واسمها زينب، وقيل: دعد، وقوله: ما هذه إشارة إلى تلك الزيادة في الطعام (قالت: لا وقرة عيني لهي الآن أكثر منها قبل ذلك بثلاث مرات) عدوا لا زائدة في القسم كما في قوله {لَا أُقسِمُ بِهذَا اَلبَلَد} [البلد: 1]. قيل: أرادت بقرة عيني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقيل: أبا بكر. أصل القرة من القرار؛ لأن العين إذا نظرت المنظر الحسن استقرت فلا تنظر إلى غيره، منه قوله: {مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17)} [النجم: 17]. وقيل: من القر -بضم القاف- وهو البرد لأن العين في السرور تدمع دمعًا باردًا.
(فأكل منها أبو بكر وقال: إنما كان ذلك من الشيطان) يعني يمينه (ثم أكل منها لقمة ثم حملها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأصبحت عنده) ظاهر قوله: فأكل أبو بكر أنه إنما كان بعدما رأى تلك الزيادة بعد أكل الأضياف وقوله: ثم أكل لقمة أيضًا، يشعر به قوله ثم حملها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ظاهره أنه حملها إليه بالليل لقوله: فأصبحت عنده، وليس كذلك بل إنما أكل أبو بكر مع الأضياف، وإنما حملها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما أصبح، بينه. رواية مسلم: لما أبوا أن يأكلوا إلا أن يأكل أبو بكر "أما الأولى فمن الشيطان" يريد بذلك يمينه، فقال: هلموا قِراكم، فجيء بالطعام فسمى فأكل وأكلوا، فلما أصبح غدا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: يا رسول الله بروا وحنثت، قال: "بل أنت أبرهم وأخيرهم".
فإن قلت: فما معنى قوله: فأصبحت إن لم يذهب بها بالليل؟ قلت: معناه كانت عند الصباح عنده كما تقول: أصبحت عند فلان ليس معناه أنك بن عنده.
هذا ويمكن أن يكون حملها إليه بالليل، وفيه بعد لما في رواية مسلم أن أبا بكر إنما [...] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما نعس.