ـــــــــــــــــــــــــــــ
كتاب الإيمان
تقديمُ كتاب الإيمان على سائر الأبواب والمقاصد، وذكرُهُ بعد الوحي وبدئه لا يخفى حُسْنُهُ.
باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "بُني الإسلامُ على خمسٍ"
هذه قطعةٌ من حديث سيرويه مسندًا، وتارة يجعلُ حديثًا ليس ثابتًا عنده ترجمةَ الباب؛ إشارةً إلى أن حكمه صحيح. والدليل: حديثُ الباب. إلا أن حديثَه بلفظه غير ثابت عنده. وإنما ذكر الإسلام في كتاب الإيمان إشارةً إلى اتحادهما. وهذا هو الحق إن أُريد بحسب الصدق؛ إذ لا يوجد مسلم عند الله لا يكون مؤمنًا، ولا مؤمن لا يكون مسلمًا، إلا أن المفهومَيْنِ مختلفان. وذَكَرَ أنه قابل للزيادة والنقصان. هذا هو الحق أيضًا عند الكل بحسب الأعمال والكمال.
وأما باعتبار الذات وهو الإيمان المنجي الذي مناطُه تصديقُ القلب. فالأشاعرةُ أولًا وآخرًا على أنه يقبلها أيضًا سوى ما يروى عن أبي حنيفة خلافه. والظاهر هو الأول، إذ مع قطع النظر عن كل عمل ودليل لا يقابل تصديق أبي بكر بتصديق العوام.
وهنا أيضًا مسألة غريبةٌ وهو أنه قال الشافعي: إذا سُئلتَ عن الإيمان فقل: أنا مؤمن إن شاء الله. وشنَّع عليه الحنفية في كتبهم بأن الاستثناء شكٌ، والشكُ في الإيمان كفرٌ. وهذا كلامٌ ساقطٌ؛ لأن إن شاء الله ليس منحصرًا في المشكوك، بل استعمله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المقطوع به. وهو قوله في السلام على الموتى: "وإنا بكم إن شاء الله لاحقون" بل المراد من المشيئة: التفويضُ إلى الله بالكلية أو ذاك بحسب