«مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلْيُهْلِلْ، فَإِنِّى لَوْلاَ أَنِّى أَهْدَيْتُ لأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ». فَأَهَلَّ بَعْضُهُمْ بِعُمْرَةٍ، وَأَهَلَّ بَعْضُهُمْ بِحَجٍّ، وَكُنْتُ أَنَا مِمَّنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، فَأَدْرَكَنِى يَوْمُ عَرَفَةَ وَأَنَا حَائِضٌ، فَشَكَوْتُ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «دَعِى عُمْرَتَكِ، وَانْقُضِى رَأْسَكِ وَامْتَشِطِى، وَأَهِلِّى بِحَجٍّ». فَفَعَلْتُ حَتَّى إِذَا كَانَ لَيْلَةُ الْحَصْبَةِ أَرْسَلَ مَعِى أَخِى عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِى بَكْرٍ، فَخَرَجْتُ إِلَى التَّنْعِيمِ، فَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ مَكَانَ عُمْرَتِى. قَالَ هِشَامٌ وَلَمْ يَكُنْ فِي شَىْءٍ مِنْ ذَلِكَ هَدْىٌ وَلاَ صَوْمٌ وَلاَ صَدَقَةٌ.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

ومنه قوله في الحديث: كلما أوفى على فدفد، لقولها في الحديث الآخر: قدمنا مكة لخمس بقين من ذي القعده.

فإن قلتَ: إذا كان معنى موافين مشرفين، كان صلته على، فما وجه اللام؟ قلت: معنى القرب والاستقبال، وفي حاء ذي الحجة الفتح والكسر. والأول أشهر كما في الحج أيضًا.

(من أَحَبَّ أن يُهِل بعمرة فليهل).

فإن قلت: هذا القول يدل على أنه قال هذا القول في الطريق وسيأتي أنه قال الهم بعد الطواف؟ قلت: تكرر منه القول بذلك، فكان آخره بعد الطواف.

فإن قلت: "من أحب" يدل على أنه خيرهم وأمره كان إيجابًا؟ قلت: لوح لهم أولًا أنه يريد منهم العمرة رفعًا للسنة الجاهلية، فلما كرهوا ذلك، ولم يبادروا إلى ما أمر به، أمرهم حقًّا وسلاهم بقوله: (لولا أني سقت الهدي لأهللت بالعمرة)، وبقوله: "لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقتُ الهدي".

(قال هشام: ولم يكن في شيء من ذلك هدي) تعليق من البخاري، ويجوز أن يكون عطفًا على عن هشام بطريق المعنى بتقدير حرف العطف. قال النووي: ما قاله هشام مشكلٌ؛ لأنها كانت قارنة، والقارن عليه الدم، وكذا المتمتع. وهذا دليل من قال: إنها كانت مفردة هذا كلامه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015