عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا شَرِبَ أَحَدُكُمْ فَلاَ يَتَنَفَّسْ فِي الإِنَاءِ، وَإِذَا أَتَى الْخَلاَءَ فَلاَ يَمَسَّ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ، وَلاَ يَتَمَسَّحْ بِيَمِينِهِ». طرفاه 154، 5630
ـــــــــــــــــــــــــــــ
عنده، ودستواء: قرية من نواحي الأهواز (يحيى بن [أبي] كثير) - ضدّ القليل - إمام المحدثين في زمانه (عن أبيه). أبي قتادة هو الحارث بن ربعي الأنصاري الخزرجي، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة ذي قرد: "خير فرساننا أبو قتادة، وخير رجالتنا سلمة".
(إذا شرب أحدُكم فلا يتنفسْ في الإناء، وإذا أتى الخلاء فلا يأخذنّ ذكرَهُ بيمينه، ولا يَتَمَسَّح بيمينه) قوله: "لا يتنفس" "ولا يأخذ" "ولا يتمسح". ثلاثتها بالجزم هو الرواية.
ويجوز الرفع على أنه نفيٌ في معنى النهي، وهو أبلغُ من صريحه؛ لأنه إخبارٌ عن انتهائه فكأنه نهى عنه فانتهى فأخبر عن حاله.
فإن قلت: روى البخاري ومسلم "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يتنفسُ في الإناء إذا شرب ثلاثًا" قلتُ: معناه أنه كان يشرب بثلاث دفعات، وعلّله بأنه أبرأ وأهنأ وأمرأ، والذي نهي عنه النَّفَسُ في الإناء بأن لا يبعده عن فيه؛ فإنه يفسد الماء بحرارة نفسه، وربما خرج من فيه ريقٌ أو رائحة خبيثة فيتأذى به مَنْ يشربُ بعده.
وأما النهي عن مَسّ الذكر والتمسّح به فلشرفه، روى أبو داود عن عائشة "أن يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اليُمنى كانت لطهوره وطعامه، واليسرى لخلائه، وما كان من أذىً" هذا إذا أمكنه وأما إذا كان هناك عذرٌ فذاك شيء آخر، والنهي في أمثاله من قبيل الآداب. قيل: هذا إذا أزال النجاسة بالماء أو بغيره. وأما لو باشره بيده من غير إزالةٍ فلا يجزئ ولا يجوزُ، سواء كان باليمين أو بالشمال. قلتُ: عدم الإجزاء مسلَّمٌ، وأما عدم الجواز ففيه نظرٌ. والظاهرُ الكراهة. قال الفقهاء: إذا احتاجَ إلى استعمال اليمين في الاستنجاء فليمسك ذكره بشماله والحجر بيمينه، ولا يحركه، بل يحرك بالشمال.