فَبَالَ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وَلَمْ يُسْبِغِ الوُضُوءَ فَقُلْتُ الصَّلاَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: «الصَّلاَةُ أَمَامَكَ» فَرَكِبَ، فَلَمَّا جَاءَ المُزْدَلِفَةَ نَزَلَ فَتَوَضَّأَ، فَأَسْبَغَ الوُضُوءَ، ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ، فَصَلَّى المَغْرِبَ ثُمَّ أَنَاخَ كُلُّ إِنْسَانٍ بَعِيرَهُ فِي مَنْزِلِهِ، ثُمَّ أُقِيمَتِ العِشَاءُ فَصَلَّى، وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا. [الحديث 139 - أطرافه في: 181، 1667، 1669، 1672].
ـــــــــــــــــــــــــــــ
كلامُهُ وقد نبهناك في كتاب الإيمان على أن هذا غلط، ولم يقل أحدٌ من أهل اللغة: إن عرفة اسمٌ لليوم، بل عرفة وعرفات كلاهما اسم للمكان. وإنما التبس عليه من قول الناس يوم عرفة، فظن أن اسم اليوم والتقدير في قولهم: يوم عرفة، يوم الوقوف بعرفة. والشِّعب -بالكسر- الطريق بين الجبلين. قاله الجوهري. والمراد به في الحديث: شعب معهود بين عرفات ومزدلفة.
(فبال وتوضأ فلم يسبغ الوضوء) أي: توضأ وضوءًا تصح الصلاة به، ولكن لم يكن على وجه الكمال ولهذا قال أسامة: (الصلاة) إذ لم يكن وضوءًا كاملًا تصح به الصلاة، لم يكن لقول أسامة وجه. وقد صَرَّح بالوضوء في مسلمٌ والبخاري في كتاب الحج، فسقط ما يقال: أراد بقوله: لم يسبغ الوضوء أنه استنجى لا غيره
(فقال: الصلاة أمامك) أي: تصلي الصلاة أمامَك برفع الصلاة على أنه قائمٌ مقام الفاعل، أو مبتدأ. وأمامَكَ خبره أي: مكانها (ثمَّ أُقيمت العشاءُ) دل بلفظ ثم: على أن المواصلة بين المغرب والعشاء لا يُشترط في الجمع مع التأخير، لأن وقتها باقٍ إلى طلوع الفجر.
فإن قلتَ: دلّ الحديث على أَنْ لا أذان لواحدة منهما؟ قلتُ: جاء في رواية مسلم عن جابر أنه أذّن للأولى، ويقيم لكل واحدة، والذي هنا محمولٌ على غفلة الراوي عن الأذان.
قال النووي: ضبط جابر حجَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ضبطًا لم يشاركه فيه أحدٌ. قال: وصنّف ابنُ المنذر على حديث جابر كتابًا فخرّج عليه مئة ونيفًا وخمسين نوعًا من الفقه.
فإن قلتَ: فقد أذن ابن عمر لكل واحدة. وسيأتي أن البخاري بَوّب على ذلك. قال