ونُقل عنه أنه قال: خرّجْتُ هذا الكتابَ من زهاء ستمئة ألف حديثٍ. قيل: لم يَضَعْ في كتابه حديثًا إلا اغتسَلَ قبله وصلى ركعتين، وكان الاغتسالُ بماء زمزم، والصلاة خلف المقام.
ونَقَل الغساني بسنده إلى عبد الواحد بن آدم الطواوسي أنه قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واقفًا ومعه جماعةٌ من أصحابه، فسلمتُ عليه، فردَّ عليَّ السلامَ، فقلتُ: ما وقوفُك يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال أنتظرُ محمد بن إسماعيل. فلما كان بعد أيامٍ بَلَغنا أنه كان قد مات في تلك الساعة التي رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واقفًا فيها.
ومناقبهُ من حُسن الأخلاق والتقوى لا تُعَدُّ ولا تُحصَى - رضي الله عنه -.
واتفقوا على أن كتابه أصحُّ كتابٍ بعد كتاب الله، إلا ما نُقل عن بعض المغاربة وأبي علي النيسابوري من تفضيل كتاب مسلم عليه.
قال ابن الصلاح: إن أرادوا حُسْن السياق وعدمَ امتزاج الحديث بغيره فلا بأس بهذا القول؛ وذلك أن كتاب البخاري فيه من التراجم والتعليقات ومذاهبِ الفقهاء شيء كثير. وإن أرادوا ما يرجع إلى الصحة فهو مردود. كيف لا والبخاري يَشْرِطُ في الرواية ملاقاةَ المروي عنه، ومسلمٌ يكتفي بالمعاصرة، كما صرَّح به في مقدمة كتابه.
قال ابن الصلاح: وأما عدد أحاديث البخاري فسبعةُ آلافٍ ومئتان وخمسة وسبعون حديثًا، وبإسقاط المكرر أربعة آلافٍ.
وقال العراقي: هذا في رواية الفِرَبْرِي. وفي رواية حمَّاد بن شاكر دُونَها بمئتي حديث، ودون رواية حمادٍ روايةُ إبراهيم بن معقل بمئة حديثٍ.
وقال شيخنا شيخُ الإسلام أبو الفضل بنُ حجر: أحاديثه سبعةُ آلاف وثلاثُمئةٍ وسبعون حديثًا، وما فيه من المتون الموصولة بلا تكرارٍ ألفا حديثٍ وأربع مئةِ وستون وأربعة أحاديث.
وأما التعاليق فألفٌ وثلاثمئةٍ وواحد وأربعون والمتابعات على اختلاف الروايات ثلاثمئةٍ وأربعةٌ وأربعون.
هذا، وصحيح مسلم أربعةُ آلافِ حديث من غير تكرار، ومع التكرار اثنا عشر ألف حديث. وسنن أبي داود: أربعةُ آلاف وستمئة حديث. وابن ماجه: أربعةُ آلافٍ. فإن قلتَ: هل لما يقال: إن البخاري لم يرو في كتابه إلا حديثًا له راويان منه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصلٌ؟ قلتُ: ذكره القاضي أبو بكر بن المغربي في شرحه. ورُدَّ عليه بحديث: "إنما الأعمال