8 - باب شَهَادَةِ الْقَاذِفِ وَالسَّارِقِ وَالزَّانِى

وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَلاَ تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا). وَجَلَدَ عُمَرُ أَبَا بَكْرَةَ وَشِبْلَ بْنَ مَعْبَدٍ وَنَافِعًا بِقَذْفِ الْمُغِيرَةِ ثُمَّ اسْتَتَابَهُمْ، وَقَالَ مَنْ تَابَ قَبِلْتُ شَهَادَتَهُ. وَأَجَازَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُتْبَةَ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَطَاوُسٌ وَمُجَاهِدٌ وَالشَّعْبِىُّ وَعِكْرِمَةُ وَالزُّهْرِىُّ وَمُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ وَشُرَيْحٌ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ. وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ الأَمْرُ عِنْدَنَا بِالْمَدِينَةِ إِذَا رَجَعَ الْقَاذِفُ عَنْ قَوْلِهِ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ، قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ. وَقَالَ الشَّعْبِىُّ وَقَتَادَةُ إِذَا أَكْذَبَ نَفْسَهُ جُلِدَ وَقُبِلَتْ شَهَادَتُهُ. وَقَالَ الثَّوْرِىُّ إِذَا جُلِدَ الْعَبْدُ ثُمَّ أُعْتِقَ، جَازَتْ شَهَادَتُهُ، وَإِنِ اسْتُقْضِىَ الْمَحْدُودُ فَقَضَايَاهُ جَائِزَةٌ. وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ لاَ تَجُوزُ شَهَادَةُ الْقَاذِفِ، وَإِنْ تَابَ، ثُمَّ قَالَ لاَ يَجُوزُ نِكَاحٌ بِغَيْرِ شَاهِدَيْنِ، فَإِنْ تَزَوَّجَ بِشَهَادَةِ مَحْدُودَيْنِ جَازَ، وَإِنْ تَزَوَّجَ بِشَهَادَةِ عَبْدَيْنِ لَمْ يَجُزْ. وَأَجَازَ شَهَادَةَ الْمَحْدُودِ وَالْعَبْدِ وَالأَمَةِ لِرُؤْيَةِ هِلاَلِ رَمَضَانَ. وَكَيْفَ تُعْرَفُ تَوْبَتُهُ، وَقَدْ نَفَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الزَّانِىَ سَنَةً. وَنَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ كَلاَمِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَصَاحِبَيْهِ حَتَّى مَضَى خَمْسُونَ لَيْلَةً.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

باب شهادة القاذف والسارق والزاني وقوله تعالى: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} [النور:4، 5]

استُدل بالآية على أن الفاسق إذا تاب تقبل شهادته أيَّ فسقٍ كان. واستدل أيضًا بقول عمر لما جلد أبا بَكْرة وشِبْلَ بن معبد ونافعًا لما قذفوا المغيرة بن شعبة بالزنى، ولم يكمل نصاب الشهود (من تاب قبلت شهادته) ثم نقل عن التابعين ومن بعدهم من أهل العلم ما يدل على ذلك، وأراد الردّ على أبي حنيفة فإنه لا يَقْبَل شهادة المحدود. وإياه عَنَى بقوله (بعض الناس) ورُدّ عليه بأنه ناقض أصله فإنه جَوَّز النكاح بشهادة المحدودين. وهذا الكلام منه مردود، فإن أبا حنيفة مجتهد يجبُ عليه اتباعُ ما أدّى إليه رأيه، ولا يجوزُ له تقليد أحدٍ، وأما الآية الكريمة فللشافعي وأبي حنيفة فيها خلاف بناء على أن قوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} استثناء من {الْفَاسِقُونَ} أو من قوله: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً} بناء على أن الاستثناء الوارد بعد جملٍ يعود إلى الأخيرة، أو إلى الكل، وإلى الأول ذهب أبو حنيفة، وإلى الثاني ذهب الشافعي من الطرفين أسئلة وأجوبة مذكورة في أصول المذهبين (وكيف تعرف توبته؟) عطف على الترجمة داخل تحتها. واستدل على ذلك بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غرب الزاني سنةً (ونهى الناسَ عن كلام كعب بن مالك لما تخلف عن غزوة تبوك خمسين ليلةً) وغرضه أن المناط

طور بواسطة نورين ميديا © 2015