فَأَسْتَعِينَ بِهِ عَلَى وَلِيمَةِ فَاطِمَةَ، وَحَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَشْرَبُ فِي ذَلِكَ الْبَيْتِ مَعَهُ قَيْنَةٌ، فَقَالَتْ أَلاَ يَا حَمْزَ لِلشُّرُفِ النِّوَاءِ. فَثَارَ إِلَيْهِمَا حَمْزَةُ بِالسَّيْفِ، فَجَبَّ أَسْنِمَتَهُمَا، وَبَقَرَ خَوَاصِرَهُمَا، ثُمَّ أَخَذَ مِنْ أَكْبَادِهِمَا. قُلْتُ لاِبْنِ شِهَابٍ وَمِنَ السَّنَامِ قَالَ قَدْ جَبَّ أَسْنِمَتَهُمَا فَذَهَبَ بِهَا. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ قَالَ عَلِىٌّ - رضى الله عنه - فَنَظَرْتُ إِلَى مَنْظَرٍ أَفْظَعَنِى فَأَتَيْتُ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَعِنْدَهُ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ فَأَخْبَرْتُهُ الْخَبَرَ فَخَرَجَ وَمَعَهُ زَيْدٌ، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ، فَدَخَلَ عَلَى حَمْزَةَ فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ فَرَفَعَ حَمْزَةُ بَصَرَهُ وَقَالَ هَلْ أَنْتُمْ إِلاَّ عَبِيدٌ لآبَائِى فَرَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُقَهْقِرُ حَتَّى خَرَجَ عَنْهُمْ، وَذَلِكَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ. طرفه 2089
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(وحمزة بن عبد المطلب يشرب في ذلك البيت الذي أنخت الشارفين ببابه معه قينة) -بفتح القاف وسكون الياء- أي: مغنية (فقالت:
ألا يا حمز للشرف النواء)
يجوز في زاي حمزة الضم والفتح، وكذا في كل منادى مرخم. الشرف جمع شارف؛ الناقة المسنة. والنواء: جمع ناوية؛ وهي: السمينة. وتمام البيت:
وهن معقلات بالفناء
بكسر الفاء والمد، ما امتد من جوانب البيت، وبعده بيتان آخران:
فرع السكين في اللبات منها ... وضرجهن حمزة بالدماء
وعجل من أطايبها الشراب ... قديرًا من طبيخ أو شواء
(فثار إليهما حمزة) بالثاء المثلثة من الثوران: قام مسرعًا (فجب أسنمتهما) أي: قطع (وبقر خواصرهما) بتخفيف القات أي: شق (فذهب بها) أي: بالأسنمة والأكباد، والجمع باعتبار الأجزاء؛ كما في: {صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4] (قال: على فنظرت إلى منظر أفظعني) أي: أوقعني في أمر فظيع كريه (فدخل عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتنيظ عليه) أي: أظهر غيظًا شديدًا (فرفع إليه حمزة بصره، وقال: هل أنتم إلا عبيد آبائي) هذا كلام السكران بلا شعور به (فرجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقهفر) أي: رجع القهقرى لئلا يصيبه حمزة بمكروه لما سمع منه ذلك الكلام، ألا ترى أنه جعل سيد المرسلين عبدًا للمشركين عبدة الأوثان.
وموضع الدلالة في الحديث قول علي: "وأنا أريد أن أحمل عليهما إذخرًا".