عَوْنِ بْنِ أَبِى جُحَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ آخَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ سَلْمَانَ، وَأَبِى الدَّرْدَاءِ، فَزَارَ سَلْمَانُ أَبَا الدَّرْدَاءِ، فَرَأَى أُمَّ الدَّرْدَاءِ مُتَبَذِّلَةً. فَقَالَ لَهَا مَا شَأْنُكِ قَالَتْ أَخُوكَ أَبُو الدَّرْدَاءِ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ فِي الدُّنْيَا. فَجَاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ، فَصَنَعَ لَهُ طَعَامًا. فَقَالَ كُلْ. قَالَ فَإِنِّى صَائِمٌ. قَالَ مَا أَنَا بِآكِلٍ حَتَّى تَأْكُلَ. قَالَ فَأَكَلَ. فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ ذَهَبَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يَقُومُ. قَالَ نَمْ. فَنَامَ، ثُمَّ ذَهَبَ يَقُومُ. فَقَالَ نَمْ. فَلَمَّا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ قَالَ سَلْمَانُ قُمِ الآنَ. فَصَلَّيَا، فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِى حَقٍّ حَقَّهُ. فَأَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «صَدَقَ سَلْمَانُ». طرفه 6139
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(أبو العميس) -بضم العين-: مصغر، هو عتبة بن عبد الله بن مسعود (عون بن أبي جحيفة) بضم الجيم: مصغر، وهب بن عبد الله السوائي.
(آخى النَّبيُّ - صَلَّى الله عليه وسلم - بين سلمان وأبي الدرداء) واسمه عويمر بضم العين: مصغر (فرأى أم الدرداء مبتذلة) بتقديم الباء: من التبذّل، ويروى بتقديم الموحدة من الابتذال -بالذال المعجمة- كلاهما ترك الزينة ولبس العتيق، وأمُّ الدرداء هذه الكبرى، واسمها خيرة صحابية، ولا رواية لها؛ إنَّما الرّواية للصغرى هجيمة؛ تابعية، وهذا الحديث قد سبق في أبواب الصَّلاة في باب من نام أول الليل وأحيا آخره، وموضع الدلالة هنا قوله: "كُلْ فإني صائم، قال: ما أنا بآكل حتَّى تأكل".
فإن قلت: ليس في الحديث أنَّه أقسم عليه؟ قلت: ربما لم يكن على شرطه فأشار في الترجمة على أن له أصلًا، أو جعل الحصر في ما أنا بآكل حتَّى تأكل كالقسم؛ فإنَّه في معنى القسم، وأمّا دعوى تقدير القسم قبل ما أنا بآكل، فلا يعتد به، ودلالة السياق عليه ممنوعة، لكن قد رواه البزار وابن خزيمة والدَّارقطنيُّ بلفظ: "أقسمت عليك لتفطرن" فأشار إليه البُخاريّ في الترجمة على دَأبه.
فإن قلت: ليس في الحديث أنَّه لا قضاء؟ قلت: حيث ذكر للنبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يأمر بالقضاء، فكان تقريره دليلًا.