الأَمِيرُ أُحَدِّثْكَ قَوْلاً قَامَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِلْغَدِ مِنْ يَوْمِ الْفَتْحِ، فَسَمِعَتْهُ أُذُنَاىَ، وَوَعَاهُ قَلْبِى، وَأَبْصَرَتْهُ عَيْنَاىَ حِينَ تَكَلَّمَ بِهِ، إِنَّهُ حَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ «إِنَّ مَكَّةَ حَرَّمَهَا اللَّهُ وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ، فَلاَ يَحِلُّ لاِمْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ يَسْفِكَ بِهَا دَمًا وَلاَ يَعْضُدَ بِهَا شَجَرَةً، فَإِنْ أَحَدٌ تَرَخَّصَ لِقِتَالِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُولُوا لَهُ إِنَّ اللَّهَ أَذِنَ لِرَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلَمْ يَأْذَنْ لَكُمْ، وَإِنَّمَا أَذِنَ لِى سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، وَقَدْ عَادَتْ حُرْمَتُهَا الْيَوْمَ كَحُرْمَتِهَا بِالأَمْسِ، وَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ». فَقِيلَ لأَبِى شُرَيْحٍ مَا قَالَ لَكَ عَمْرٌو قَالَ أَنَا أَعْلَمُ بِذَلِكَ مِنْكَ يَا أَبَا شُرَيْحٍ، إِنَّ الْحَرَمَ لاَ يُعِيذُ عَاصِيًا، وَلاَ فَارًّا بِدَمٍ، وَلاَ فَارًّا بِخَرْبَةٍ. خَرْبَةٌ بَلِيَّةٌ. طرفه 104
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فأصابه الله بلقوة في شدقه، قتله عبد الملك بن مروان خديعة وكان واليًا من جهة يزيد بن معاوية على المدينة، فكتب إليه أن يوجه إلى ابن الزبير جيشًا، فهذا الذي يقال.
(وهو يبعث البعوث) -بضم الباء- جمع بعث، فعل بمعنى المفعول (أحدثك قولًا قام به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي: تلفظ به، القيام بالشيء الإتيان به، فإن أكثر الأفعال تكون حالة القيام. (سمعته أُذناي، ووعاه قلبي، وأبصرته عيناي).
فإن قلت: القول ليس من المبصرات. قلت: تسامح لقوله حين تكلم، فإنه يرى حركة الفم.
(فإن أحد) مرفوع فاعل فعل فسّره قوله: (ترخص) (إنما أذن لي ساعة من نهار) استدل به أبو حنيفة على أنّ مكة فتحت عنوة، قال الشافعي: لم يقع بها قتال والإذن لا يستلزم الوقوع، وقوله في الحديث الذي تقدم: "وهل ترك لنا عقيل من دار" يدل عليه، إذ لو فتحت عنوة لملكوا الدّور والرّبوع (إنّ الحرم لا يعيذ عاصيًا ولا فارًّا بدم، ولا فارًّا بخربة) بفتح الخاء المعجمة وقد يقال بالضم وسكون الرّاء فيهما. قال أبو عبد الله (الخربة: البلية) قال النووي: أصلها سرقة الإبل، ثم أطلقت على كل خيانة، وهذا يوافق تفسير البخاري بالبلية.
واعلم أن العلماء بعد اتفاقهم على حرمة قطع شجر الحرم ونباته الرطب اختلفوا في جزائه؛ قال مالك: ليس عليه إلا الاستغفار؛ لأن الشارع لم يذكر له جزاء. وقال أبو حنيفة:.