وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» وَإِنَّمَا العِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ " وَقَالَ أَبُو ذَرٍّ: «لَوْ وَضَعْتُمُ الصَّمْصَامَةَ عَلَى هَذِهِ - وَأَشَارَ إِلَى قَفَاهُ - ثُمَّ ظَنَنْتُ أَنِّي أُنْفِذُ كَلِمَةً سَمِعْتُهَا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ تُجِيزُوا عَلَيَّ لَأَنْفَذْتُهَا» وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {كُونُوا رَبَّانِيِّينَ} [آل عمران: 79] " حُلَمَاءَ فُقَهَاءَ علماء،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: من يُرد اللهُ به خيرًا يفقهه في الدين) هذا حديث ذكره فيما بعدُ من طريق سعيد بن عُفَير أورده هنا تعليقًا استظهارًا لما هو بصدد إثباته من فضل العلم، "وإنما العلم بالتعلّم" هذا حديث رواه أبو نعيم في كتاب "رياضة المتعلم" وتمامه: "والحلم بالتحلم" رواه الطبراني بأطول منه في "الكبير" عن معاولة: "إنما العلم بالتعلم والفقه بالتفقه ومن يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين" و {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28] (وقال أبو ذر: لو وضعتُم الصَّمْصَامَةَ على هذه -وأشار إلى قفاه-) الصِّمصامة -بكسر المهملة- السيف القاطع، والجمع صماصم. والصِّمصام عند العرب: سيف عمرو بن معد يكرب. (أُنْفِذُ كلمةً سمعتُها من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبلَ أن تجيزوا عليَّ لأُنْفذْتُها) بضم الهمزة وإسكان النون.
فإن قلت: على ماذا يدل هذا الكلام؟ قلتُ: يدل على فضل العلم، فإن أبا ذر لا يفعل هذا إلا لفضيلة بتعليم العلم. ويلزم منه فضل العلم من باب الأولى، رُوي في "الحلية" أن عثمان كان نهى أبا ذر عن الإفتاء، فأفتى الناس. فاعترض عليه رجل، فقال أبو ذر هذا الكلام.
(وقول النبي -صلى الله عليه وسلم-) عطف على قوله: لقول الله، في صدر الباب (ليبلّغ الشاهد الغائب) هذا حديثٌ تقدم في الباب قبله مسندًا (وقال ابن عباس: {كُونُوا رَبَّانِيِّينَ} [آل عمران: 79] حكماء فقهاء). الرباني نسبةً إلى الرب، والتعبير فيه للنسبة، والحكمة علم الشرائع، وقيل: صحةُ الفعل والقول، وذكر الفقه بعده من ذكر الخاص بعد العام. وفي بعض الروايات: